الأردن الیوم وسؤال المستقبل

الأردن الیوم وسؤال المستقبل كثیرون ھم الأردنیون المنشغلون بالتفكیر بمستقبل بلادھم العزیزة علیھم، ویطرحون سؤالا افتراضیا عن مستقبل ھذا البلد، وكأن ھذا المستقبل سیكون غیر اعتیادي او غیر ما درجنا علیھ عبر الأجیال في ھذا البلد الصابر المرابط، والصامد رغم محدودیة الامكانیات وغزارة الاحباطات وتعدد الأخطار المحدقة والأضطرابات المحیطة. وتطال ھذه التساؤلات بشكل تعسفي مفاھیم راسخة ورمزیة ثابتة، مثل وطنیة الھویة وجغرافیة الكیان وخصائص الجوار ونموذج الانجاز أو/ وحتى حجم المؤامرة الخارجیة وأبعادھا، وتحاول ان تجیب نفسھا بنفسھا بطریقة متشائمة و بصورة متوھمة وعلى نحو مبالغ فیھ. مما یصعب على المتفائلین بالمستقبل والمتفھمین للحاضر والناظرین للغد أن یأخذوا تلك التكھنات على عواھنھا ویحملونھا على محمل الجد ویقرونھا كقناعة جامعة مانعة. وفي ھذا الخضم من .الكلام المسموع شفاھة او المقروء كتابة، تبرز قضایا تكتسي الخطورة وتثیر الاھتمام، تلاحقھا الشائعات وتطحنھا التكھنات ان حریة الانشغال بالقضایا المجتمعیة والھم الوطني حریة یكفلھا الدستور وتلتزم بھا التشریعات، كما ان حریة التعبیر عن الراي مكفولة دستوریا وقانونیا بوضوح وبصراحة، ومن حق المواطن ان یتساءل عن اجراءات الحكومة وتصرفاتھا عبر مجالسھا ومؤسستھا حیال تلك القضایا والمسائل، مثل معالجة قضایا الفساد وتقلیص المدیونیة وانجاز التنمیة ومد الخدمات ونشر الأمن الاجتماعي، وھي التي تھم كل مواطن كما تعني كل مسؤول. ولكن التلكؤ الرسمي والتباطؤ الاجرائي حیالھا جعل التفاتة المواطن الى ذوي العلاقة التفاتة تحمل الاستغراب والاستھجان، وان طالت فترة الانتظار في سماع طرق المطرقة، دون رؤیة القیام بالتصویب والانتقال الى الصحیح، مما قاد الى تجاوز حدود الاصغاء والمراقبة، ونفذ الصبر الجمعي المبني على تقدیر المواقف والامكانیات، لتحقیق ما اعلن عنھ وما افصح عن .النیة والتصمیم على الوصول الیھ ان اتجاھات المواطنین تجاه حكومات بلدانھم، تتحكم بھا عادة عوامل نفسیة تقودھم الى الانسحاب من المشھد الوطني العام، والى اختفاء النظرة الأیجابیة الى الحكومة وانجازاتھا،ویضمحل مع اختفائھا الاصرار على العمل، فتتلاشى الطاقة اللازمة لمواجھة التحدیات وتذلیل الصعوبات. ولیس ذلك نتیجة لضعف الانجاز، وانما یكون ذاك نتیجة لأزمة ثقة بین الحكومة والناس، والتي یصاحبھا شكوى دائمة من التقصیر في الأداء، وعدم الاصغاء الى الآراء الشعبیة، واھمال المطالبات الشعبیة والتقصیر في تلبیتھا، بحجة ضعف الامكانیات المادیة، تبعا لذلك برز التشكیك بالقدرات الحكومیة وانعدمت الثقة بالمسؤولین على جمیع المستویات، فاقتصر النقد وانحصر النظر على الجانب المظلم لمخرجات الاجھاد المتراكم الذي یعیشھ المواطن. ھذا في الوقت الذي قال فیھ جلالة الملك: «أن الأردنیین والأردنیات یستحقون الكثیر من الحكومة»، داعیا المسؤول أن یفتخر بأن عملھ ھو خدمة الأنسان الأردني. حتى أن رئیس الوزراء أفصح بأن «ازمة ثقة قاسیة» .اھم مشكلة تواجھ حكومتھ ومن ھنا برزت ظاھرة انتقاد المسؤول السابق لأعمال وقرارات ونشاطات المسؤول الحالي على اختلاف المستویات والقطاعات، ویتحدث السابق عن الموضوع بصیغة المقارنة بین الانجاز السابق الرائع والانجاز اللاحق المتواضع، او بصیغة العتب والتلاوم على انكار الانجاز .السابق وتناسي النشاط الذي انقضى لى ھذا الغرار تحولت قصة الشرشف الخاصة جدا الى حالة رمزیة تنطوي على جوانب سیاسیة لیس من الحكمة الكشف عنھا، فالأم التي احضرت الھدیة الى ابنھا قد تكون امرأة ما أو جماعة/ أو جماعات أو شعبا، والشرشف قد یكون قماشا أو مؤسسة، أما زوجة ھذا الابن فقد تكون امرأة ما وقد تكون مسؤولا رسمیا، أما الابن فربما یكون موظفا صغیرا أو مسؤولا كبیرا، فلم یعد الشرشف قطعة قماش رخیصة السعر، انما ھو رمز یرفع الغطاء فیھ عن الحقیقة او عن المخالفة، لذا فان المقصود أن یبقى البحث مستمرا، لیعطي بالتالي دلالات جدیدة، .بوضوح وبدون غموض كما كانت من قبلھا تلك الانتقادات قد وجھت الى مسؤول سابق قد خانھ التعبیر في الدفاع عن قضایا تخصھ في مراحل سابقة، وتناولتھا وسائط التواصل الألكتروني بشيء من الحدیة الشعبیة، اذ اعتبرت التناولات عبر تلك الوسائط ان كلام ذاك المعني یشكل إھانة لكل اردني لم یكن أحدا من أصولھ او فروعھ وزیرا، باعتبار أن الأمر اصبح مختلفا عما سبق، والتوزیر لم یعد حكرا على أسماء بعینھا، یتم توارثھا كابرا عن كابر، وان الشارع السیاسي الأردني أفرز قیادات بحجم الوطن، الذي بني وما زال یبنى بسواعد النشامى الذین افرزھم ھذا الشارع، الذي لم یبن سعادتھ على شقاء الاخرین ولم یبتز الوطن،وھو لا یتنكر أو یتناسى جھود السابقین ومساھماتھم بالمنجز الوطني .الواحد، الخالي من عیوب المحسوبیة والنفعیة الشخصیة الضیقة ان المطلوب والذي ما ینبغي علینا شعبا وحكومة اتخاذه ھو: ادراك الظروف وانتقاء الخطوات التي تساعد على تطویر الأداء الوظیفي الفردي والجماعي والمؤسسي، وتنمي المقومات الایجابیة في الشخصیة، وتقوي من حس العدالة والفضیلة والشعور بالمسؤولیة، بما یزید من اھتمام بالمجتمع، متخلیا عن الفردیة الأنانیة. وفي ذات اتخاذ موقف وطني متكامل وتصمیم على توفیر الأجواء لمواجھة الضغوط النفسیة التي یعاني منھا عدد كبیر من الأفراد، وعلى تمكینھم من مواجھتھا، بموازاة تولید الرضا عن الحیاة، والعمل على جودة نوعیة ھذه الحیاة. وما الساحة الحزبیة الا الساحة الأولى والأرحب لیمارس الشباب دورھم وحقھم في الحیاة العامة لمجتمعھم، والتماس مع مختلف .قضایاه، والتعامل الایجابي مع المشكلات المزمنة والطارئة فیھ اذ أن من التناقض الحاصل بین نموذج السیاسي الذي یتقن فن الممكن، وبین نموذج المثقف الذي یتقن فن المستحیل، یخرج نموذج ثالث لیستفید من تجربة الأول بالفعل، ویستفید من فكر الثاني بالطرح، ینضوي تحتھ المثقفون الذین ینادون بالواقعیة، ویطالبون أصحاب الرأي والكلمة والاتجاه والموقف، بأن یعدلوا من آرائھم ویجددوا في خطابھم، بحیث یكون الرأي أكثر واقعیة والكلمة أكثر موضوعیة والموقف أكثر مراعاة للظروف، لیفرز طبقة من المثقفین تنادي بالإدراك الواعي للمستجدات وبالمواءمة مع المتغیرات، وبمدارة الواقع، باعتبار أن العالم یتطور والدینا تتغیر، وما على الإنسان إلا أن یتكیف وعلى المجتمعات أن تتدارك نفسھا، وتلحق بقطار التقدم قبل أن یغادر المحطة .ویترك الرافضین في المحطة، قاعدین حائرین نحن في ھذه الحالة بأمس الحاجة الى بوتقة وطنیة جامعة، لا تكتفي بالتشخیص، والتذمر، وتشریح المشكلة.. بل تغلّب صوت العقل، .وتتصدى للحل بكل شجاعة واقدام وحیادیة dfaisal77@hotmail.com عضو المكتب التنفیذي لحزب الاصلاح