مخاطر «الإيموجي» ومحاذيرها في بيوتنا !
انتشر في هذا الزمن المقلوب ما يسمى بـالإيموجي المصاحبة للرسائل النصية المتداولة عالميا بين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي انتشارا منقطع النظير, ويقال ان عدد الإيموجيات قد بلغ أكثر من 1800 صورة إيموجية عالمية, وفي دراسة حديثة لباحثة لبنانية تعيش في امريكيا حول دلالات ومعاني هذا العدد الضخم من الصور الرمزية, تبين لها ان كثير من هذه الصور الرمزية يتقاطع ويتعارض مع عادات وتقاليد وقيم وايدولوجيات كثير من المجتمعات وبالذات العربية منها, قد رجحت الباحثة انتشار مثل هذه الصور الرمزية لعدة اسباب كان من اهمها هو جهل وعدم معرفة معاني ودلالات مستخدمي مثل هذه الصور المصاحبة للنصوص, ثم سهولة استخدام الإيموجي في التعليقات والرسائل النصية في الوتس اب وفي الفيس بوك وفي السناب شات من خلال نسخ الإيموجي وإعادة لصقها من جديد على النصوص الجديدة.
تستند معاني ودلالات الإيموجي الى الثقافة اليابانية المكان الذي خرجت منه هذه الصور والرموز, والسؤال العريض هنا, من هو صاحب فكرة الإيموجي المصاحبة للنصوص على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكيف تطورت الفكرة لتصبح متداوله في جميع انحاء العالم؟ وما هي محاذير ومخاطر معاني ودلالات هذه الصور والرموز على الكبار وعلى الصغار ذكورا وإناثا في مجتمعاتنا العربية الهزيلة والتي تستخدم مثل هذه الاشياء دون وعي وادراك ودون فرز وتمحيص؟ لنقع فرائس سائغة في خوالب الثقافات الجارحة في غابات مواقع التواصل الاجتماعي.
بدأت فكرة الإيموجي المصاحبة للنصوص المكتوبة على مواقع التواصل الاجتماعي من موظف ياباني بسيط يدعى شيجتاكا كوريتا عام 1998ثم قام بعد ذلك بتطوير هذه الفكرة من خلال عمله مع فريق ياباني لاستخدامها في تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة في الفيس بوك والواتس اب والسناب شات وغيرها من البرامج والمواقع المشابهة من اجل اختصار كثير من الكلمات بصور ورموز تعبيرية بسيطة مرافقة للرسائل النصية في حالات التواصل الاجتماعي, حتى اصبحت لغة عالمية غير رسمية يتداولها مستخدمو الهواتف ضمن محادثاتهم وتعليقاتهم وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
بالرغم من ايجابيات لغة التواصل الجديدة الإيموجي التي بدأت تحل محل التواصل السمعي والبصري ولغة الجسد وحركاته, الا اننا نبقى امام جملة من المحاذير والمخاطر لهذه اللغة الجديدة, لغة التعبير بالرسوم والصور والرموز والتي ينطوي تحتها كثير من المعاني والدلالات لثقافات خارجة عن ثقافتنا العربية, فالخطورة بالمعنى والدلالة وليس بالشكل المشوّه على اجيالنا القادمة, فهي لغة مكملة للغة مختزلة باطنية في الرسائل النصية في الهواتف الجوالة,..ان اكبر متضرر من انتشار هذه اللغة في التواصل الاجتماعي هي اللغة العربية, لغة القرآن الكريم.
ربما ينشأ اطفال واجيال جديدة لدينا يحملون ويتداولون لغة اخرى غير لغتنا من خلال لغة التواصل الجديدة الإيموجي, كيف لا وقد اشارت بعض الدراسات ان الاستخدام المبالغ فيه للغة الإيموجي المرافقة للنصوص افقد اللغة العربية استخدامها المعتاد الامر الذي ادى الى أضرارا وجفاء في العلاقات والتعامل بين الناس, ان لهفة اللقاء في الهاتف وسماع انفاس الاخرين واحساسهم بالكلمة باتت تحتضر, ..نعم نحن بحاجة ان نكتب او نشرح او نعبر او نبكي في احضان احبتنا لتفريغ الطاقات السالبة ونُشحن بالأمل من جديد, لقد استبدلنا المشاعر الحقيقية بمشاعر مختصرة مزيّفة وبتنا نحمل جملا واحاسيس كثيرة مصورة ومرمزة دون كلمات.
لقد عمل الإيموجي على تقليل استخدامات ادوات الترقيم المعروفة في جميع لغات العالم وبالذات اللغة العربية لما لهذه الادوات من اهمية بالغة في الفهم والاستيعاب, وعمل كذلك على تشويه حقائق الاشياء, فقد شوه صورة وجه الانسان وما عليه من اعضاء متنوعة من خلال التغييرات والاضافات في شكل العيون والفم والانف والحواجب والاذنين والاسنان واللسان..., ومن خلال التغييرات والاضافات في شكل الكائنات الحية الاخرى من نباتات وحيوانات, وهذا ينسحب ايضا على كثير من التغييرات والاضافات على المواد والادوات والمستلزمات التي نتعامل معها ..انها حرب قذرة غير معلنة على طبيعة الاشياء فتغيرت معها المفاهيم الصحيحة للأشياء, وقد ساهمنا دون وعي او ادراك على نشر هذه الاسلحة المدمرة للمفاهيم الحقيقية للأشياء.
لقد تم تحديث إصدارات الإيموجي مؤخرا لتطويرها وتحسينها بعد صدور عدة ملاحظات وانتقادات عليها حول عدم وجود درجات الالوان عليها والحركات السريعة والبطيئة فيها, وقد تم فعلا إضافة درجات الالوان والحركات السريعة والبطيئة لرموز وصور هذه اللغة الإيموجي, وفي قادم الايام والله اعلم سنكون امام رموز إيموجية غريبة عجيبة تحمل وراءها صراعات فكرية ودينية وايدولوجية في مجتمعات هذا العالم المنهار والمشتعل والمصاب بفوبيا قادم الايام.
والسؤال المطروح هنا هو: هل ستنتهي البشرية على هذه الارض باستخدام الصور والرموز للتواصل فيما بينها ..كما بدأ الانسان الاول باستخدامها؟ الجواب للأسف الشديد تجدونه عند صاحب فكرة الإيموجي شيجتاكا كوريتا.