لماذا یصدر «العفو العام» بقانون ؟

بناء على توجیھات ملكیة سامیة، بدأت الحكومة السیر بالإجراءات اللازمة لإصدار مشروع قانون العفو العام لعام 2018 وذلك وفق أحكام الدستور، حیث وردت أحكام العفو في المادة (38 (من الدستور الأردني التي تقضي بالقول أن «للملك حق العفو الخاص وتخفیض العقوبة، وأما العفو العام فیقرر بقانون خاص». فمن خلال الحكم الدستوري السابق نجد بأن للعفو نوعان، عفو عام یصدر في مواجھة جرائم معینة ترد على سبیل الحصر في صلب القانون، بحیث یترتب على صدور قانون العفو العام إلغاء العقوبات الجزائیة الصادرة في ھذه الجرائم بشكل كامل، بالإضافة إلى محو جمیع الآثار القانونیة المترتبة علیھا. أما العفو الخاص، فیقصد بھ رفع العقوبة الجزائیة عن فرد معین أو أفرادا معینین رفعا كلیا .أو جزئیا، دون أن یمحو العفو الخاص الصفة الجرمیة عن الفعل الجرمي أو یؤثر في العقوبات التبعیة إن التساؤل الأبرز في مجال العفو العام یتمثل في سبب اشتراط المشرع الدستوري أن یصدر بقانون ولیس بنظام أو تعلیمات أو حتى بقرار حكومي، والجواب على ھذا السؤال یكمن بأن من النتائج المترتبة على صدور العفو العام تعطیل جملة من القوانین الصادرة عن السلطة التشریعیة، وفي مقدمتھا قانون العقوبات، وقانون أصول المحاكمات الجزائیة، وقانون السیر في المخالفات، وقانون المخدرات والمؤثرات العقلیة في بعض نصوصھ. بالتالي، وسندا للقاعدة القانونیة بأن القانون لا یُلغى إلا بقانون آخر من ذات المرتبة والدرجة، فقد كان لا بد وأن یشترط المشرع الدستوري في العفو العام أن یكون بموجب بقانون خاص یصدر تبعا للخطوات والمراحل الدستوریة ذاتھا التي تُتبع .لإصدار باقي القوانین الأخرى أما فیما یتعلق بالعفو الخاص ومبررات صدوره بإرادة ملكیة ولیس بقانون عادي عن السلطة التشریعیة على الرغم من أنھ یترتب علیھ تعطیل جملة من القوانین، فإن الإجابة على ھذا التساؤل تكمن في تعریف القانون بأنھ مجموعة من القواعد القانونیة العامة والمجردة التي تصدر عن السلطة التشریعیة لتطبق على الجمیع على قدم المساواة، بحیث یكون ھناك جزاء على مخالفتھا. وحیث أن العفو الخاص یصدر في مواجھة شخص أو أشخاص معینین دون غیرھم من المحكومین–الذین قد یكونوا ارتكبوا الجرم الجزائي ذاتھ–لیتم إلغاء العقوبة الجزائیة عنھم بشكل كامل أو تخفیضھا، فإنھ یتعذر إصدار العفو الخاص بقانون، كونھ سیتعارض مع فكرتي العمومیة والتجرید في القاعدة القانونیة. فلا یجوز دستوریا أن یصدر قانون لیخاطب شخصا ما أو مجموعة من الأشخاص بذواتھم دون غیرھم من الأفراد، فیلغي العقوبة الجزائیة عنھم أو یخفضھا. فالأصل أن المخاطبین بالقاعدة القانونیة ھم جمیع أفراد المجتمع -كقاعدة عامة- أو فئة معینة منھم بصفاتھم العامة، ولیس .بذواتھم الشخصیة لذا، ونظرا لعدم جواز إصدار العفو الخاص بقانون، فقد أناط المشرع الدستوري – شأنھ في ذلك شأن باقي الدساتیر الأخرى–ھذا الحق بالملك، ذلك باعتباره رأس الدولة ابتداء ورئیس السلطة التنفیذیة وتصدر الأحكام باسمھ من السلطة القضائیة. فالملك في الدستور الأردني یحكم بأسلوبین اثنین، الأوامر الشفویة أو الخطیة التي لا تخلي الوزراء من مسؤولیتھم عملا بأحكام المادة (49 (من الدستور، والإرادات الملكیة التي تكون موقعة -وكقاعدة عامة- من رئیس الوزراء والوزیر المختص عملا بأحكام المادة (40 (من الدستور. والأسلوب الثاني ھو .الأعم والأشمل الذي یمارس من خلالھ الملك سلطاتھ وصلاحیاتھ الدستوریة، والتي من ضمنھا الحق في إصدار العفو الخاص أستاذ القانون الدستوري المشارك في كلیة الحقوق في الجامعة الأردنیة *