ناهض حتر يكتب : شبيلات في الطفيلة : مبادرة لتخطي الأزمة
ليلة الخميس الماضي, تجمّع الآلاف من شباب الطفيلة وشباب الحراك الشعبي من مختلف مناطق البلاد, للإستماع إلى المهندس ليث شبيلات.ومنذ بدء التحركات المطلبية والسياسية الأردنية, لم يحظ زعيم سياسي أو حزب بهذا الحشد الجماهيري أو بمثل هذا التناغم الحيّ مع الجماهير.
وكانت كلمة شبيلات التي أصغت إليها الجموع بانتباه وجدية, وقاطعتها مرارا بالتصفيق الحار, على مستوى الحدث, وعلى قدر عال من الحس بالمسؤولية الوطنية; فلم تأخذ الجماهيرية الجارفة, الخطيبَ, نحو التطرف, أو نحو استغلالها للحصول على موقع سياسي. شبيلات رجل نزيه ويستحق ثقة الشعب فعلا.
أكّد أبو فرحان أن ما حصل من انجاز باتجاه التعديلات الدستورية, وما سيحصل من انجازات أخرى, هو نتيجة النضال الشعبي. وفي ذلك القول دقة وتواضع تنبغي مقابلتهما بالإنصاف. فشبيلات هو أول القائلين بالعودة إلى دستور 52 عندما كان ذلك ضربا من الأمل البعيد. ولشبيلات قصب السبق في تأكيد أولوية السلطة النيابية في النظام السياسي الأردني, وكان له روح الفدائي في طرح معظم قضايا الفساد او فضح التطاول على أموال وأراضي الدولة. ومع هذه السيرة الذاتية المشرفة, اعتبر شبيلات انه " داعم للحراك الشعبي وليس قائدا له" كما يدعي المتسلقون على أكتاف الغضب الأردني محذرا الشباب من سرقة هذا الحراك من قبل القوى ذاتها التي سرقت هبة نيسان ,1989 فاستخدمت تضحيات الشعب الكادح لتثميرها في مواقع سياسية ومكاسب, بينما ظل الشعب وحقوقه ومطالبه في الظلّ.
شبيلات الذي أعاد التذكير بمواقفه واعتراضاته ذات السقف العالي, لم ينته إلى استنتاجات مغامرة, بل قدم لقوى الحراك الشعبي اقتراحا ايجابيا ملموسا لحلّ الأزمة الأردنية, يكمن في الحوار المباشر, من دون وسطاء, مع الملك. وهو ما يعني, سياسيا, إجراء تفاهم داخلي بين الشرعيتين, الدستورية والشعبية, من أجل التوصل إلى خارطة طريق لبناء الأردن الجديد.
وأظهر شبيلات بذلك أنه ينتمي فعلا إلى المزاج الشعبي الأردني الغاضب والجسور ولكن غير المغامر. وهو مزاج يتعذر على وزير الداخلية, فهم طبيعته ومضمونه, فيتوقف عند القشور دون اللباب, ويزعل من التعبيرات الحادة بينما يصمت إزاء المخاطر الفعلية!
يمكن التفكير بخلوة بين الملك وممثلين منتخبين من قبل قوى الحراك الشعبي في المحافظات, بحيث يتحقق ذلك الحوار المباشر اللازم بينهما, وينتهي إلى وثيقة وطنية مجدولة زمنيا, تخرج بنا من حالة التشكك والفوضى الفكرية السياسية وتشلّ الإتجاهات المغامرة لدى قوى داخل النظام تعتقد واهمة بإمكانية العودة إلى أسلوب الحكم السابق ,و قوى أخرى داخل المعارضة, تعتقد واهمة ايضا بانها تستطيع القفز إلى السلطة أو أقله الإستئثار بحصاد النضالات الشعبية.
ولإنجاح الفكرة ينبغي ألا يتدخل الديوان او الجهاز الأمني أو الحكومي إطلاقا في اختيار محاوري الملك, أو في تحديد أجندة الحوار, بل يُترَك ذلك لقوى الحراك الشعبي التي سوف تتحول, حالما تجتمع في مؤتمر وطني وتنتخب ممثليها , إلى مؤسسة سياسية وطنية ذات مشروعية شعبية وقادرة, بالتالي, على عقد التسوية الداخلية.