صور بالمطار..سجين بالأزرق وعملية فرانكفورت ..عفوا ما هذا الهراء؟
كتب – بسام البدارين -حفلة العرس الإعتباطية التي أقيمت مساء الأربعاء الماضي أمام الكاميرات في مطار عمان الدولي لتصوير وتوثيق السجين الأردني خالد شاهين لم يكن لها مبرر ليس لإن الدولة الأردنية الصلبة القوية المتماسكة لا تحتاجها أصلا {إن كانت تحتاجها فعلا فتلك مصيبة كبرى }.
ولكن لإن إلتقاط صور متعددة وملونة لسجين مخفور في سابقة هي الأولى من نوعها ينطوي على إعتداء مباشر وصادم من قبل حراس القانون والمكلفون بتنفيذ العدالة على كل القيم القانونية والتقاليد الراسخة التي تربينا عليها مع الدولة الأردنية سواء أكانت دستورية وقانونية أو كانت أخلاقية ومهنية.
ولست هنا بصدد الدفاع عن شاهين فالرجل شهد علينا زورا في قضية معروفة ولست كذلك بصدد مناقشة قضية مصفاة البترول ولا ظروف مغادرة شاهين فتلك مسألة بين يدي القضاء .
لكني أشعر ويشعر معي مئات المواطنين والسياسيين والزملاء والقراء بأن سيناريو المطار عند إستعادة أو جلب خالد شاهين يجرح {هيبة} الدولة الأردنية ويمس بكرامة الإنسان في توقيت متلازم بكل قصدية سيئة النية مع مرحلة الإنفتاح وحقوق الإنسان والتعديلات الدستورية التي قررتها قيادتنا لإعلاء قيمة القانون وحق الإنسان ومن لا يصدق يمكنه مراجعة ال 42 نصا دستوريا التي ستخضع للتعديل.
.. فهمنا من خبراء حقوق الإنسان بأن تصوير سجين بملابس السجن بصورة علنية ولأغراض غير أمنية وداخلية ثم توزيع هذه الصور على بعض وسائل الإعلام دون غيرها لكي تكتب مانشيتات بعنوان{ شاهدوا شاهين بالأزرق} ..مخالفة مباشرة للقانون ولتعليمات مراكز التوقيف الأردنية والسجون .
وفهمنا بأن ظهور هذا الحشد الأمني بشكل مصور مع سجين له عائلة وأولاد وأصدقاء خطوة فنية غير مسبوقة من شانها أن تدخل {المنجز الأمني} الذي حصل بعودة شاهين إلى نفق النكايات السياسية والبيروقراطية التي ينبغي ان لا يتورط فيها المستوى الأمني ولا المستوى الحكومي.
وليس سرا اليوم أن جمهور الساسة والحقوقيون والقانونيون أجمعوا على ان صور المطار غير لائقة ولا تجوز وتخالف القانون وتمس بحقوق الإنسان التي يرعاها حراس العدالة فقبل ظهور هذه الصور بشكل مخجل بأيام فقط كنا جميعا نحتفل في بلاط سيد البلاد وراعيها بالمشروع الراقي الذي إقترحه وقاده الملك عبدلله الثاني لنؤسس لعقدنا الثاني في العهد الجديد حتى نطمئن للمستقبل.
لكن بصراحة بعد صور شاهين لم أعد أشعر بالإطمئنان والأمان فكل فرد معرض بعد الأن للتشهير والإساءة لكرامة عائلته حتى إذا أخطأ وعوقب بموجب القانون والقضاء ونشر الصور وبث اللقطات كان بحد ذاته {عقوبة إستباقية} لم ينص عليها قانون ولم يقررها قضاء أو تجيزها منظومتنا الأخلاقية والإجتماعية الراقية فنحن أردنيون في النهاية ودولتنا لا يضيرها لو خفر شاهين وأدخل السجن بهدوء وبدون عرس وصور برمجتها على الأغلب ماكينة الإعلام الحكومي التي تفتقر لأصغر المعايير المهنية .
وقبل ذلك إرتكبت الحكومة مخالفة مماثلة عندما أطلعت الرأي العام بدون مبرر على التقارير الطبية للسجين شاهين وكان منطق رئيس الوزراء الذي سمعته مباشرة أنذاك : فليأتي الرجل لعمان ويرفع دعوى قضائية ضدي لمحاكمتي على نشر تقاريره الطبية.
.. نفهم سياسيا ان الحاجة في مسألة التقارير الطبية كانت ملحة لعودة شاهين وان النشر تكتيك بيروقراطي بائس لكنه محتمل.
أما نشر صور الرجل بهذا الشكل وعلى نحو ما حصل فخطوة مخيفة ومرعبة لا علاقة لها بهيبة الدولة او بإبلاغ الرأي العام.. وهي خطوة تذكرنا جميعا بهفوة فادحة أخرى في عهد هذه الحكومة تلك التي حصلت يوم {الدوار} المشهود حيث أسقطنا قيما أساسية في بناء دولتنا لتحقيق غرض تكتيكي صغير كان أمامنا عشرات الطرق البديلة لتحقيقه .
.. صور على طريقة الكاوبوي في المطار لسجين أردني غادر أصلا بطريقة علنية.. وكلام مبالغ فيه عن عملية فرانكفورت لم يقل في عملية الكربولي .. ومحاولات بائسة تتوهم قصة تدخل المرجعيات في مسألة صغيرة جدا قام بها فريق أمني محترف يتبع مؤسسات نحترمها .. إضافة لكلام غريب عن إستعادة النظام السياسي بعد عودة شاهين لهيبته…ثم دعوة للقراء لمشاهدة الرجل بالأزرق داخل السجن .. إسمحوا لي أن أقول لبعض الزملاء : عفوا ما هذا الهراء؟ !.