المشهد الحالي والواقع المرير المؤلم
لم تعد سياسة الحكومة مقبولةً لدى السواد الأعظم من الشّعب الأردني، ولم تعد الحال مرضية، فإتباع سياسة مشاغلة الناس مدًا وجزرًا، ومضيعة الوقت ، وبروز مصطلحات: المئة يوم، أو في العامين المقبلين، في سياسة الحكومات، قد كُشِفتْ، فالغد قد جاءَ وبانَ ، فمضتْ أشهرٌ من عمر الحكومة، وبات المواطن يتمزّق ألمًا من وعودٍ قد تكون في علم الغيب. بطالةٌ مقنعةٌ، عمالةٌ وافدةٌ، ومخيماتُ لاجئين تعملُ، مواطنٌ سُحِق ، واقتصاد مُحِق، فالإدارةُ الحقّةُ غائبةٌ ، أو مغيبةٌ، فالمواطن ليس مغفلًا، ولم يعد خائفًا؛ لانّهُ يجد في السجن ما يسد رمقه، ويحفظ أمنه، بدلًا من حياة الانتظار، وألم الحسرة، ومرارة الحصول على لقمة العيش، فأصبح المواطن غريبًا في وطنه، يزفر من الآهات ما يملأ فضاءاتٍ.
فلا بدّ من تغيير نهج الواقع المعاش، سياساتٌ تخبطية، وأخرى تنفيعيةٌ، ننادي فلا مجيبُ، فالوطن قد فاض من المبادرات هنا وهناك؛ لمشاغلة الناس وتقطيع وقتهم لمرور الزمن؛ لتحقيق الهدف الأليم. مبادراتٌ عمرها قصيرٌ تظهر مع البيدر ، وترحل مع تساقط أوراق الخريف، تظهر وتختفي، وحالنُا في حيصَ بيص، ضغوطاتٌ دوليةٌ، وقراراتٌ داخلية، ونحن بين هذا وذاك حائرين موجوعين، شارعٌ يغلي وأحياءٌ تبكي، وأمهاتٌ غارماتٌ وأخرى معْوزاتٌ.
أُذني تسمع وعيني ترى، وقلمي يكتبُ واقعًا مريرًا ، لا أخشى إلا الله. فالحال الأردنية بشكل مختصر لا مجاملة، ولا مداهنة، تحتاج إلى حكومة إنقاذ وطني بمعنى الكلمة ومدلولاتها الحقيقة ؛ لكي تُبدل حال الاحتقان والواقع المرير إلى غدٍ مشرقٍ؛ لبروز فجرٍ جديد لوطني الغالي تُسْحقُ فيه الشللية والعنصرية، وتُمْحقُ فيه الوساطة والمحسوبية إلى الأبد ، ، غدٍ يعاد فيه التوازن الإداري والقيادي والتكويني للقيادات الوطنية الشريفة في مؤسسات الدولة، القيادات التي تبني للوطن ولا تبني لنفسها. مللنا سياسة التنظير والتسويف والتخويف. مللنا الاستعراض وسياسة الخلوات والتخبطات والفزعات، وحتى إدارة الأزمات. نحن من أعرقِ الدول حضارةً وشجاعةً، ومن أروعها قيادةً؛ ولكننا بحاجة إلى جندٍ أوفياء مخلصين عند حسن ظن القائد ينظرون إلى كل أجزاء الوطن بعدالة وإنصاف حقيقيّتين.
نريد جندًا محصنين من التبعية بشتى أنواعها وألوانها، نريد جندًا في مواقع يتحملون المسؤولية رجالًا أكفياء ينهضون بالوطن، ولا يغرقونه. نريد رجالا ينظرون في التظلم والشكوى صغيرًا أكان أم كبيرًا، ولا يتركون الأمر لموظف ،أو مدير يقرر مصائر العباد، وهم في قمة التميز والعطاء.
آه يا وطني كم عاث بك الفساد ، وكأنّ الفاسدين من عالم الجن لا يستطيع أحد إحضارهم.
الدكتور سماره سعود العظامات