هل قَرَأ «ثُوّار الناتو» العرب ما كَتَبَه...عرّاب «ثَوّراتِهم»المَزعُومَة؟

عاد الفيلسوف الفرنسي الصهيوني برنار هنري ليفي إلى الأضواء،بعد أفول نجمِه,الذي»سطَعَ»مع هبوب»رياح»ما سُمِي زوراً الربيع العربي،وراح يُنظّر لثوار سوريا وخصوصاً ليبيا,ويفتَح لهم أبواب قصر الإيليزيه في عهد نيكولا ساركوزي،داعِياً إلى إحتضانهم و»الإعتراف»بهم قادة جدداً للجماهيرية(وسوريا بالطبع),الذي كان»ساركوزي»قاد من فوره مع البريطاني ديفيد كاميرون,وبقيادة أميركية من»الخلْف»في عهد باراك حسين اوباما،حملة عسكرية أطلسِية إجرامية,ليس فقط لإسقاط نظام القذافي,وانما ايضا لتدميرمراِفقها وقواعدها العسكرية وتقويض مؤسساتها،باستثناء حقول النفط وموانئ تصديره،ودائما لنشر الفوضى وتحريض الميليشيات التي تولى الأطالِسة تسليحَها,على رفض اي محاولات للمصالحة او التوافق,اللهم إلاّ في ما خصّ تأمين الهلال النفطي,أيّاً كانت الميليشيات المُسيطرة عليه,ولا بأس لو استقرّت الامور بين يَديّ قوات المشير خليفة حفتر،الذي شهدت مراحل سيطرته عمليات كرٍّ وفرّ،لكنها بقيَت تحت السيطرة الأطلسية فقط,لإفهام الجميع أن الصراع على نفط ليبيا حتى لو تواصَل بين إيطاليا وفرنسا,إلاّ أنه محظور على الليبيين الحَسم بشأنِه او التدَخّل. ما علينا..

 
عاد هنري ليفي الى الاضواء عبر مَقالَة نشرها في صحيفة «لوبوان» الباريسية,مُندّ داً باحتجاجات أصحاب»السُترا ت الصفراء»,الذين خرجوا الى شوارع المدن الفرنسية مُندِّدين بسياسات الإفقار التي تنهجها حكومة الرئيس ماكرون لصالح الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال في البنوك والشركات عابِرة القارّات متعددة الجنسيات،مُشبِّهاً إياهم بأصحاب «القُمصان السوداء»في إيطاليا الفاشِيّة ثلاثينيات القرن الماضي. لم يَكّتفِ عَرّاب الثوّار العرب(وكُرد سوريا أيضاً) بذلك،بل مضى إلى «تبشير»أصحاب السترات الصفراء(اذا لم يَأخُذوا بِنصائِحه),فإن الحال ستنتهي بهم الى «مزبلة التاريخ».امّا نصائِحه فتنحصر بالتحذير»من أن سماح حركة السُترات الصفراء للكراهية المُتحمِّسَة,أن تتفوّق على الأُخُوّة الحقيقية،وإن هي اختارت التدمير لا الإصلاح،فلن تجلِب إلاّ الفوضى».
هنا يجدر بـ»ثوار»ليبيا,الذين نَظَروا الى هذا اليهودي الصهيوني المُتحمّس كـَ»مُخلّصٍ ومُحرِّر»,واستقبلوه استقبال الفاتحين في طرابلس وبنغازي،وعانَقَه بحرارة مصطفى عبدالجليل ومحمود جبريل ورهط الذين تَصدّروا «الثورة» في مراحِلها الأولى،قبل أن تتم إطاحتهم بعد انتهاء ادوارهم ومشوار تسويقهم في عواصم الغرب الإستعماري،حرِيّ بهم التدّقيق جيداً في ما كتَبَه هذا»الفيلسوف»الذي لا يَأخذه حد من فلاسفة فرنسا بِجَدّية,زعمَه أو صِلَتَه بالفلسفة،بقدر ما يَرونَه مُتطَفِّلاً ومُنتحِلاً هذه الصفة، إذ يدعو حركة السترات الصفراء,الى اختيار»الإصلاح»وليس»التدمير»، حتى لا تجلِب الفوضى لفرنسا،فيما هو داعِية تدمير و»مقاوَمة»بالسلاح على أنواعه لنظام القذافي,ولمّا يزل يدعو»ثوّار»سوريا وبالأَخصّ قوات سوريا الديمقراطية بقياداتها وغالِبيّتها الكردية،الى مواصَلة «نضالهم» ضد «النظام السوري»،مُحرّضاً إيّاهم على رفض أي محاولات للحوار او المصالَحة مع دمشق،بل ويدعو بلاده وخصوصاً واشنطن– كما المُهرِّج الفرنسي اليهودي الذي كان وزيراً للخارجية برنار كوشنير،شريكه في عقد مؤتمر إستثنائي لدعم المعارَضات السورية في باريس,والذي»جالَ»على مدينة القامشلي السورية مؤخراً,وسط ترحيب حار من قادة المجلس السياسِي لقوات قسد – الى دعم مشاريع الإنفصال التي تُعدّها «قسد»,واقامة منطقة حَظرٍ جوي وحُكم ذاتي,على غرار إقليم كردستان العراق. ليفي..الذي لا يُضيره رؤية رايات داعش السوداء،ولا تلك الرايات التي رفعتها وما تزال,المنظمات والجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وعواصم عربية وغربية معروفة,ما تزال تُراهِن حتى اللحظة,على إعادة تأهيل تلك الجماعات واستخدامها لنسف اي حل سياسي للازمة السورية، وليفي لا يكترث بالطبع إذا ما احترقت دمشق وأبيدت الرقة او لحق الخراب بطرابلس وبنغازي,وهوشجّع قيام تلك العصابات بتدمير كل اسباب الحياة والحضارة والعيش في سوريا(كما ليبيا),لكنه حريص على عدم ارتكاب أي نوع من انواع «التدمير» في باريس وباقي المدن الفرنسية،ولا يَتوقَّف عن دعوة أصحاب السترات الصفراء»الى الإستعداد لمساعدة الشرطة الفرنسية,للقبض على ذوي السُترات السَوداء المُندَسّين بينهم». حَرِيٌّ بثوار الناتو,الذين ما يزالون حتى اللحظة أسرى للأوهام والخُزعبلات,بل الأفخاخ التي أوقَعَهم فيها «البرناران» ليفي وكوشنير،ان يَستيقِظوا وان يثوبوا الى رشدهم,وان يُدركوا بأنهم إنما يقومون بِهدم اوطانهم وتدمير مؤسساتها وتشريد شعوبهم,نيابة عن المُستعمِر الغربي وخِدمة للمشروع الصهيواميركي،الذي لم يستنفد أغراضه بعد،ولم يتخلّ عن أهدافه في تقسيم دول المنطقة وشعوبها,على أُسس طائفية ومذهبية وعِرقية،لإراحة إسرائيل وتمكينها من «قيادة» المنطقة وكتابة جدول
عمال,وإعادة تعريف»أعدائِها»,بهدف الطمس النِهائي على القضية الفلسطينية.عبر العمل بلا كلل لتمرير صفقة القرن,ونهبِ ما تبقّى من ثروات طبيعية وأرصدة بنكية وصناديق «سِيادِيّة» لدى بعض العرب.