عجلون الأجدر بالثورة

عجلون الأجدر بالثورة

 

أحمد الربابعة

 

مع بزوغ فجر الربيع العربي مطلع عام 2011، هبت الجماهير الأردنية تواكب تلك الثورات، وتطالب بالإصلاح والتغيير، شأنها في ذلك شأن كل الشعوب العربية التي عانت من الظلم والاستبداد وقمع الحريات وحالة التردي العامة .

 

وتمركزت هذه الاعتصامات وهذه الاحتجاجات في العاصمة عمان بداية، بالرغم من أن شرارتها انطلقت من (ذيبان) في محافظة مادبا، وهو اللواء الذي يعاني من الفقر والبطالة ونقص الخدمات . وبعد فشل الجهات الرسمية في تعطيل مطالبات الإصلاح والتغيير، خصوصا بعد انكشاف مستنقع الوحدة الوطنية، الذي أُريد إيقاع الشعب الأردني به؛ من أجل شغله عن المطالبة بالإصلاح والتغيير، أخذت دائرة الاعتصام والاحتجاج بالتوسع لتشمل معظم محافظات المملكة، فرأينا ذلك الحُراك ينطلق مجددا وبقوة من محافظة الطفيلة، ثم الكرك، ومعان، واربد، والسلط، وجرش،والزرقاء، والعقبة، والمفرق، ولنجد رقعة الحراك تتوسع زمانيا وليس مكانيا فحسب، فأصبحت المملكة تشهد مسيرات بعد صلاة التراويح وبعد الإفطار، وليس بعد صلاة الجمعة فقط.

 

وفي خضم هذا الحراك الشعبي، وتوسع رقعة المطالبات المشروعة، لتصل عدد المسيرات والاعتصامات التي شهدتها المملكة منذ انطلاقتها بداية عام 2011 إلى 2000 تحرك، بحسب وزارة الداخلية، كان غائبا عن المشهد وبوضوح حراك الشارع العجلوني؛ حيث لم تتناقل الأخبار لأية مظاهرات أو مسيرات في محافظة عجلون، باستثناء وقفة احتجاجية نظمتها الحركة الإسلامية أمام بلدية عجلون بداية خروج الاحتجاجات في الأردن !

 

الذي يعرف جبل عجلون، وسكانه الجبليون، ويعرف بلوطه، وعيون مائه، ومطلع على الوضع العام للمحافظة، سيُصاب بالاستغراب من هذا الصمت ! وسيطرح تسأولاً مباشرا عن السبب الذي غيب محافظة عجلون عن حراك أخواتها من المحافظات المطالبة بالإصلاح والتغيير في الجنوب والشمال والوسط ؟!

 

وسنكون محقين، ومحقين تماما؛ إن قلنا أن عجلون الأجدر بالثورة ! وأن بياض ثلجها ربما لن يكفل استمرار بياض قلوب أهالي عجلون، فليست أشواك جبل عجلون وحدها هي التي أدمت أرجل ساكنيه، وليس الحجر العجلوني وحده هو ما يجعل من العجلونيين يُحسون بالقسوة، وليس من البلوط وحده يستمدون الإصرار والعناد؛ بل إن طرقات عجلون المدمرة هي أيضا أدمت أقدام العجلونيين، وأن ضنك العيش الذي يعيشه كثير منهم يجعلهم يحسون بقسوة الحياة تماما كقسوة حجارتهم، وتهميش عجلون عبر عشرات السنوات وإقصاء دورها يجعل من العجلونيين مُصرين وصلبين من أجل مطالبهم تماما مثل صلابة بلوطهم !

 

أما لماذا تكون عجلون الأجدر بالثورة ؟ فهناك أسباب وحقائق عديدة إن تجاهلها البعض، فإن أهالي عجلون لن يتجاهلوها ! وكيف يتجاهلونها وهم يعيشونها على أرض الواقع ! وأولى تلك الأسباب: أن عجلون المحافظة الأكثر فقرا وبطالة في المملكة، بالرغم أنها من أعلى نسب التعليم في المملكة !

 وثانيها: أنها المحافظة المهمشة على كل الأصعدة، والتي تفتقد لكثير من الخدمات ومنذ عشرات السنوات .

وثالثها: تحييد أبناءها سياسيا وحرمانهم من الوزارات والوظائف العليا؛ فالذين تسلموا حقائب وزارية من أبناء عجلون منذ عام 1921م وحتى الان، لا يتجاوزن عدد أصابع اليدين، ولم يتم تسليم أي منهم رئاسة حكومة، أو حتى وزارات سيادية كالخارجية أو الداخلية مثلا.

رابعها: الإرث السياسي والحضاري الذي تحمله عجلون؛ باعتبارها واحدة من ثلاثة حكومات أردنية كانت قائمة قبل تأسيس إمارة شرق الأردن، بزعامة الشيخ راشد الخزاعي الفريحات.

خامسها: وهو سبب عام، يتمثل في أن العجلونيين جزء من الأمة العربية، ولابد أن يكون لهم موقف مما يجري على الساحة العربية والدولية، تماما مثل موقفهم بعد عام 1919م حين وقع أهالي عجلون على (عريضة) رفعوها لعصبة الأمم، يطالبونها بعدم تقسيم الوطن العربي.

 

إذاً يبدو أن هم عجلون أكبر من هم غيرها من المحافظات؛ فإذا كانت مطالبات المواطنين في كثير من المحافظات توصف بأنها مطالب سياسية، مثل تعديل الدستور، وقانون انتخاب نزيه، وحكومة منتخبة، ومحاسبة الفاسدين؛ فان مطالب عجلون هي مطالب سياسية وخدامتيه، وليست واحده منهما فقط !

 

وقبل يومين كادت أن تنطلق شرارة عجلون، إن لم تكن انطلقت فعلا، حين قام أهالي منطقة عُرجان في عجلون بالتظاهر احتجاجا على انقطاع المياه عن بلدتهم مدة 20 يوما، بالرغم من أن سلطة المياه تسحب المياه من ينابيع تلك البلدة/ مما استدعى تدخل قوات من الأمن لوقف أعمال الشغب التي حدثت هناك.

  

فهل تنظم عجلون إلى قافلة المطالبات بالإصلاح والتغيير؟ أم تُرى سيقول لها الأردنيون يوما : "صح النوم يا عجلون" ؟ مثلما قال السوريون : "صح النوم يا حلب" بعد أن تأخرت في الاعتصام والتحرك ؟

 

Ebnalss7raa@hotmail.com