لعبة سحب القوانين وإعادتها



سحب مشروع قانون الجرائم الالكترونية من مجلس النواب لا يعني ان سياسة الحكومة تغيرت او انها تتحول نحو ما هو افضل فيما يخص الحريات، وهي اساسا لا تملك قرارها لتوسعة دائرة المتاح في قوانين الانتخابات والاحزاب وليست بقادرة على ان تشكل مظلة حماية لها كلما تم العبث فيها. والحكومة تدرك ومطلعة على حالات من الاعتقالات تمت اخيرا لسياسيين وآخرها قبل يومين كما افصح امين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب عن تعرض احد اعضاء الحزب للاعتقال.
الحكومة تلعب الان نفس لعبة قانون الضريبة، فهي التي سحبته من المجلس عندما تشكلت لتعيده بصيغة اسوأ، وهي بالضرورة التي ستعيد القانون المسحوب بذات السوية ايضا اذ لا جديد عليها لتتغير، غير ذلك فإنها تراقب ما يجري في الشارع وتابعت تجمع الرابع يوم الخميس الماضي وتريد الان الالتفاف على الاحتجاجات بغية اجهاضها اذ المتوقع ان تتسع دائرتها طالما البرد والمطر لم يمنعا خروج الناس وبالكثافة التي تمت.
في علم المقارنة تذكر الاشياء بالاشياء، فعندما سقطت حكومة الملقي تحت ضغط الاحتجاج على قانون الضريبة الذي تم سحبه من التي تلتها باعتبار ذلك مطلب الناس، والان سارعت الحالية من تلقاء نفسها بسحب قانون الجرائم الالكترونية لكي لا يكون ذريعة ضدها باعتقاد ان يتم عزلها بسببه لتأتي غيرها وتسحبه كما فعلت هي قبلا.
في المحصلة الاحوال تنتقل من السيئ الى الاسوأ كلما حلت حكومة محل اخرى، واذا ذهبت الحالية لن تأتي اخير منها، واذا استمرت سيستمر مسلسل الهبوط في حياة الناس، واذا الاحتجاجات لن تجبر الحكومة على تحقيق مطالبها فإنها قد تنتقل الى مرحلة يرافقها الشغب الذي قد يتصاعد مع كل وقفة او خروج للشارع وهذا يحدث الان في فرنسا والناس هنا تدركه وتعلم عنه وتتابعه.
والافضل في كل الحالات ولكل اطراف المعادلة الوطنية هو ان تستجيب الحكومة للمطالب بسرعة وتعيد النظر بأسعار السلع كافة لتكون بمقدور دخول المواطنين وكذلك اتخاذ ما يلزم لتخفيف الاعباء الضريبية وخصوصا منها المبيعات.