الخروج من الأزمة!!


تلجأ الحكومات في الدول الديمقراطية الى الاستفتاء، حينما تصطدم سياساتها، واجراءاتها وتشريعاتها، بعقبات كبيرة، أو حينما تعم الاحتجاجات والمظاهرات عموم المواطنين،كتعبير عن حالة الغضب وعدم الرضى عن اجراء ما، كرفع الاسعار مثلا.. أو حينما تود الانضمام الى معاهدات واحلاف، او الخروج منها، كما حدث لبريطانيا حينما اجرت استفتاء عاما حول البقاء او الخروج من الاتحاد الاوروبي..وكانت نتيجة الاستفتاء الموافقة على الخروج..
هذا التقليد الديمقراطي المعروف جدا في العالم الغربي، هو الابن الشرعي للديمقراطية الحقيقية، وثمرة طيبة من ثمارها.. يحرص المسؤولون في تلك البلاد، على الاخذ به، واعتماده كبوصلة ليعرفوا اين يضعون ارجلهم، وليعرفوا مدى ثقة مواطنيهم بهم، وهم الذين اوصلوهم الى كراسي المسؤولية.
وعلى سبيل المثال..
فالجنرال ديغول محرر فرنسا من النازية، وجنرالها الاشهر، قرر اجراء استفتاء على استمراره في الحكم، بعد المظاهرات الطلابية الاشهر عام 1968، مشترطا حصوله على الثلثين لاستمراره في الحكم، ولما لم يحصل على هذه النتيجة، وحصل فقط على 67 % استقال..
هذا هو رجل الدولة، وهذا هو العنفوان والكبرياء،وهذه هي شجاعة الامتثال للارادة الشعبية..وهذا هو الاحترام الحقيقي للديمقراطية..
نسوق هذه المقدمة ونسأل ونتساءل؟؟
لماذا نفتقد هذا التقليد الديمقراطي في عالمنا العربي؟؟
ولماذا لا تلجأ الحكومات الى اجراء استفتاءات حول سياساتها واجراءاتها وبرامجها..؟؟
وهي ترى ىان الجماهير من الماء الى الماء لم تعد راضية بالمجمل عن هذه السياسات ونتائجها وتداعياتها المأسوية، وقد طوحت بالاوطان في معترك العواصف..
فالدول الفقيرة ازدادت فقرا وتبعية، وتضاعفت مديونيتها، وفشلت هذه الدول مجتمعة في حسم الصراع العربي-الاسرائيلي لصالح الحق العربي، واجبرت على التسليم بوجود دولة العدو على 78% من ارض فلسطين التاريخية، وها هي اوتوسترادات التطبيع تمخر الوطن العربي من اقصاه الى ادناه..ورفضت هذه الدول خيار الديمقراطية الحقيقية، واصرت على اتباع نماذج هجينة ضاعفت من مشكلاتها، ففشلت في استيعاب الاقليات،، فشهدنا انفصال جنوب السودان عن شماله، وشهدنا دويلة سعد حداد في جنوب لبنان، بدعم من العدو الصهيوني، ومحاولة البرزاني الانفصال عن بغداد، واقامة كيان كردي في شمال العراق..
ومن المآسي ان نسبة الامية ارتفعت في عدد من الاقطار، في الوقت الذي تخلصت فيه دول فقيرة ككوبا،من الامية في سبعينيات القرن الماضي، وارتفعت نسبة البطالة والفقر، والجريمة وهجرة العقول المفكرة..الخ..
وبشيء من التخصيص..
نسأل لماذا لا تلجأ الحكومات في الاردن، وبالاخص الحكومة الاخيرة، حكومة الرزاز الى اجراء استفتاء حقيقي لمعرفة راي المواطنين من القضايا..
باختصار..
لا بد من الاعتراف بان الحكومة في ازمة.. وان الشعب يعيش ظروفا معيشية صعبة جدا، ولا سبيل للخروج من المربع المريع الا بتغيير النهج...وسوى ذلك مزيد من الازمات ومزيد من الانهيارات..
والله المستعان..