إعادة النظر بالسياسة المالية لاستيعاب دعم السلع والحد من ارتفاع المديونية


 

 

عاودت مديونية المملكة دخول الخطوط الحمراء بتجاوزها النسبة المحددة في قانون ادارة الدين العام متجاوزة 60 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي حيث يقدر ان تبلغ 13 مليار دينار خلال الشهر الجاري بشقيها الداخلي والخارجي رغم الاجراءات الحكومية التي اتخذت خلال السنوات القليلة الماضية للحد من المديونية وتخفيف ضغوطاتها على الموازنة وتم توجيه جزء كبير من عوائد التخاصية لهذه الغاية وخاصة المبالغ التي تمت تسويتها مع نادي باريس.

وزير المالية د. محمد ابو حمور وخلال اجتماعات لجنة الحوار الاقتصادي أوضح ان مديونيتنا ستزيد عن النسبة المحددة في قانون ادارة الدين العام لأسباب أرجعها الى تحمل الحكومة مبلغ 800 مليون دينار هي عبارة عن الخسائر المقدرة لشركة الكهرباء الوطنية والتي منيت بها نتيجة لاستخدامها الوقود الثقيل في عمليات التوليد بعد تعرض خط الغاز لسلسلة تفجيرات وربما يزيد هذا المبلغ كثيرا خلال الفترة المقبلة وخاصة بعد اعادة النظر باسعار الغاز المستوردة من مصر واحتمالات مهاجمة الخط مرات أخرى.

أبو حمور ساق من الاسباب ما يكفي لتبرير الظروف التي اجبرت الحكومة مكرهة على تحمل هذا المبلغ واعتباره دينا للشركة في ذمتها وفي مقدمة ذلك تفادي رفع تعرفة الكهرباء وبالذات في الوقت الحالي من باب تخفيف الاعباء عن كاهل المواطنين وعدم اثارة الشارع الذي يشهد تحركات ومطالبات سياسية واقتصادية غير مسبوقة.

وزير المالية ومحافظ البنك المركزي الشريف فارس شرف يريان ان هناك اختلالات تعاني منها سياسية الدعم الحكومي للسلع والمتوقع ان يبلغ حوالي 1.4 مليار دينار لهذا العام ون تلك الاختلالات تعتبر سببا رئيسيا في تفاقم عجز الموازنة وحجم المديونية باعتبار ان 40 في المائة من المواطنين يحصلون فقط على أقل من 25 في المائة من الدعم الكلي للمشتقات النفطية كما صرح بذلك الشريف شرف والامر ينسحب على باقي السلع.

الحديث عن تشوهات الدعم يدور منذ سنوات وقد حاولت حكومات سابقة معالجتها من خلال ايجاد آليات جديدة تضمن ايصال اعانات السلع الى مستحقيها من المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود والمتوسط وحصر المستفيدين منها بالاردنيين فقط ما يؤدي ايضا الى تخفيض فاتورة الدعم والحد من انعكاساتها على الموازنة . تلك المحاولات كانت تصطدم بمخاوف ردة فعل الشارع والحيلولة دون تفسير مثل هذه الاجراءات على نحو خاطىء من قبل البعض وربما استغلالها لتأليب المواطنين واثارة الاحتجاجات وبالتالي من المستبعد تفكير الحكومة باعادة النظر بسياسة الدعم رغم مخاطر الاستمرار في تطبيق السياسية الحالية التي ترتب عليها تحمل مبالغ طائلة لشركة الكهرباء وغدا لانعرف لمن ستكون الديون الجديدة.

ازاء هذا الوضع فان الحاجة تستدعي اعادة النظر بالسياسة المالية بحيث تستوعب بشكل أفضل ولو مرحليا دعم السلع وعدم ترحيل الالتزامات الطارئة الى المستقبل كأن يتم تحميل المبالغ الاضافية الى المديونية وترك الحلول لقادم الايام في الوقت الذي لابد وان تتحمل فيه سواء شركة الكهرباء أو غيرها جانبا من الاعباء وذلك انطلاقا من دورها الوطني ومسؤولياتها الاجتماعية من خلال عدم رفع الاسعار والتعاون كما يجب لتجاوز الاوضاع الاقتصادية الراهنة.