الوطن والمواطنة والوطنیة!! 2/1

 منذ اتفاقیة وستفالیا عام 1648 ،قامت ھناك جدلیة بین ثلاثة مصطلحات؛ الوطن والمواطنة والوطنیّة. وقد انخرط في ھذه الجدلیة ُ ج ُّل، ْ إن لم یكن ُ ك ُّل، المجتھدین في النظریة السیاسیة والمنشغلین بھا من المفكرین السیاسیین وعلماء الإجتماع السیاسي. وقد ذھب كل منھم في مشرب مختلف، ْ وإن التقوا جمیعھم على مبدأي الولاء والانتماء المتبادلین بین الدولة وبین المواطن، حیث قالوا لت التكییف القانوني للدولة؛ وھي العنصر المادي بأن»الدولة»القومیة قد ارتكزت على ثلاثة أسس مثّ الذي تمثّل بالأرض ذات الحدود المعترف بھا من قِبَل المجتمع الدولي، والعنصر البشري الذي مثّل مجموعة من الناس یقیمون َ بصفة دائمة على ھذه الرقعة من الأرض، وعنصر القیادة التي ّ توكلت . ْ بإدارة شؤون الناس في الداخل وفي الخارج. ثم أضافوا عنصرین آخرین تمثّلا في السیادة والاعتراف الدولي وھكذا أصبحت»رقعة الأرض»ھي المرتكز لمعنى»الدولة»بما ّ تضمھ من حدود وموارد طبیعیة، وبما تمثلھ من كرامة وھیبة واستقلال واعتزاز. وحول ھذه الرقعة قامت فكرة الدفاع والحمایة والحرب والسلم والعدوان والاعتداء والنصر والھزیمة والاحتلال والتحریر وحق تقریر المصیر، ومعنى الجیش ّ والمكونات الأمنیة الخارجیّة. وصارت حمایة ھذه الأرض الوظیفة الرئیسة للدولة وأجھزتھا، وامتلأ .المصطلح بكل معاني الحب الذي قیل أنھ شعبة من الإیمان ومن ذلك جاءت قیم «المواطنة» بعناصرھا الثلاثة؛ العنصر المدني الذي یتضمن الحریة الفردیّة، وحریة التعبیر والاعتقاد والإیمان، وحق التملك، والحق في العدالة، وتحقیق العنصر المدني في المؤسسات القضائیة. ّ أما العنصر السیاسي فقد تمثّل في المشاركة السیاسیة والتشاركیّة السیاسیّة. والعنصر الاجتماعي الذي یعني تمتع المواطن بخدمات الرفاھیّة الاجتماعیّة المتمثلة بحق التعلم والصحة، وما یعنیھ ذلك من أسس المواطنة الرسمیة والمواطنة الأساسیّة، وھذا بمجموعھ ّ یكون عضویة الفرد في الدولة القومیّة، أي ْ أن ّ یشكل الفرد الجزء الأساس من الكیان السیاسي الاجتماعي، حائزاً على حقوقھ الحسیّة المعنویّة، وحق المشاركة في الحكم، من خلال المؤسسات الرسمیّة .القائمة على المنشآت السیاسیة والقانونیّة والدستوریّة وھكذا فإننا حین نتحدث عن المواطنة، إنّما نتحدث عن ظاھرة مركبّة محورھا الفرد الخاضع لنظام محدد من الحقوق والواجبات، وعندھا .تغدو المواطنة ھي تلك المكانة التي تیسر الحصول على الحقوق والقوى المرتبطة بھا ْعرف أیضاً بـِ «الفخر القومي» والتي تتمحور حول التعلّق العاطفي والولاء لأمة أما المساق الثالث فیتمثل بمصطلح «الوطنیة»، التي تُ محددة بصفة ّ خاصة واستثنائیة عن البلدان الأخرى. و»الوطني»، كما تقول الموسوعة ّ الحرة (ویكیبیدیا)، ھو شخص یحب بلاده، ویدعم سلطتھا، ویصون مصالحھا. وتتضمن الوطنیة مفاھیم ومدارك وثیقة الصلة بالقومیّة، وبالقیم الأخلاقیّة، ومعاني الإیثار التي تدفع بالأفراد .إلى التضحیة بأرواحھم في سبیل حمایة بلادھم وعلى المقلب العام فإن الوطنیّة مفھوم معقد عسیر على إیجاد حل نظري متكامل، برغم مركزیتھ في الدراسات السیاسیة والاجتماعیة .والفكریّة، ذلك لأن الوطنیّة تحدد كثیراً من معاییر النخب والجماھیر، وتؤثر على تقییمھم وأحكامھم فیما یتعلق بالقضایا المختلفة وھكذا فإن الوطنیة ھي عبارة عن خلیط من التعلق العاطفي بالوطن، ورموزھا التعریفیة، وقیمھا التأسیسیّة التي تعرف بالمبادئ الأولى أو .المبادئ الجوھریة وفي المطرح الأخیر نقول: إن ھذه المفاھیم الثلاثة والصادرة عن ھذه الحفنة الطاھرة من التراب والتعلق بھا والانتماء إلیھا، قد دارت في .أروقة التاریخ، ولكننا سنقف معھا في حدیث لاحق بین أركان الدولة العربیة