!نحتج ولكن
عودة الاحتجاجات إلى الدوار الرابع، والاعتصامات ھنا وھناك، ھي إفراز متوقع لمعاناة الأردنیین من الأزمة الاقتصادیة، ومن الإجراءات التي تتخذھا الحكومة، والتي یبدو أنھا تستھدف وضع حد للتراجع الاقتصادي أكثر من كونھا إجراءات من شأنھا معالجة الأزمة التي ما !تزال مرتبطة بالوضع الإقلیمي المضطرب، ومشاریع التسویة المبھمة رئیس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لدیھ مشروع طموح یھدف إلى تحقیق انطلاقة جدیدة للأداء الحكومي، ومعالجة الاختلالات التي أدت إلى الأزمة الاقتصادیة الاجتماعیة، ومنھا ما یتعلق بفشل سیاسات سابقة، وغیاب إستراتیجیة وطنیة ثابتة تمنع الوقوع في الأخطاء، وتصون المؤسسات من وجھات النظر الشخصیة والقرارات الفردیة، لكن ذلك المشروع یحتاج إلى وقت .أطول بكثیر من احتمال الناس للوضع الراھن لا یمكن إنكار المعاناة التي یشعر بھا السواد الأعظم من الأردنیین، وبعض مظاھر تلك المعاناة نلمسھا بالمزاج العام، فحتى أولئك الذین یتمتعون بمداخیل كافیة لتلبیة متطلبات الحیاة یشعرون بالقلق الشدید من انسداد الآفاق أمام مشروع نھضوي وطني تشارك جمیع القوى !السیاسیة والاقتصادیة والفكریة والثقافیة في صیاغتھ، وتحمل مسؤولیات السیر بھ إلى الأمام ضمن مراحل زمنیة محددة نعم نحن جمیعاً نعاني، ونحن كذلك نعرف أن بلدنا الأردن قد تحمل فوق طاقتھ بسبب الأزمات الإقلیمیة، واختلال التوازنات في المنطقة والعالم، ولكن من غیر المعقول أن نتصور بأن أزمتنا الاقتصادیة ھي الأزمة الأكثر خطورة علینا، فالوعي السیاسي والوطني الأردني أذكى بكثیر من أن یھمل التحدي الأكبر الذي یواجھھ بلدنا، في ضوء المشاریع التي تستھدف المنطقة، بما في ذلك تصفیة القضیة الفلسطینیة .التي یعتبر الأردن أكثر البلدان العربیة ارتباطاً بھا الأردن الیوم أمام اختبارات صعبة، ولعبة التوازنات والتحالفات في المنطقة تفرض علیھ التمسك بعناصر قوتھ، تلك القوة التي لا تقاس بوضعھ الاقتصادي وإنما بتحالفھ الوطني، وتماسكھ الداخلي، وھناك ثمة من یحاول إخراجھ من المعادلة من خلال تشویھ صورتھ، واستغلال الوضع الاقتصادي والمزاج السیئ والاحتجاجات على أنھا دلیل یثبت وجھة نظره، ولذلك لا بأس أن نحتج، ولكن لا ننسى أن !نتضامن في مواجھة التحدي الأكبر والأخطر