بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة...إستثمروا طاقاتنا

بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة...إستثمروا طاقاتنا

عاهد الدحدل العظامات

في اللحظة التي قُمت فيها يتسليم مُغلف إهداء مؤلفاتي لدولة الدكتور عمر الرزاز في اللقاء الحكومي مع المُثقفين والادباء قبل أيام. وقد قدمتهُ له بصفته الشخصية التي اُعجب بها وأظن أن هذا لا يعني أنني راضياً عن أي خطوة تمسّ فقراء هذا الوطن، لاحظت ملامح الدهشة قد بدأت تتضح عليه عندما قام بفتحه على الفوّر ليتفاجأة بوجود أربعة كُتب وليس كتاباً واحداً كما كان يعتقد.

أظن أن الرسالة هُنا قد وصلت للدكتور عمر الرزاز وهي التي تتمثل بأن كل من يُعاني الإعاقة قادرا على يُقدم ما يفوق التصوّر على الرغم من كل الظروف التي تُحيطه من كل جانب، قادر على أن يُسهم في بناء وطنه، قادر على العمل والإنجاز، قادر على العطاء والمشاركة الفاعلة والمُثمرة, قادر على مساعدة نفسه بنفسه إن توفّر له ما يحتاجه ووجد من يأخذ بيده ويؤمن بقدراته ويستثمر طاقاته الكامنه داخله ويُنمّي مواهبه.

أحدهم أقسم لي قائلا:" لو كنت في بلد غيّر هذا البلد لحققت كل أحلامكم دون كل هذا العناء والتعب, أمّا الآخر أقسم أنني سأكون من أثرياء هذا العالم لو كنت خارج هذا الوطن وبالتحديد دول اوروبا والعالم المُتحضر الذي يُقدّر الموهبة فكيف إذا كان صاحبُها ذوي إحتياجات خاصة" لكن ما زلتُ عند قناعاتي بأن الحياة خارج الوطن ستكون مُجردَ حلمٍ مُخيف لن أتحمله طويلاً, لذلك فمن واجب الوطن أن يكون لطيفاً تجاهُنا وأن لا يقسو علينا, لأننا لا زلنا نُحبه ومتمسكين بأحلامنا أيضاً.

بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإرادة والعزيمة والهمّة والطموح والتحدي والإصرار والذي يُصادف في الثالث من ديسمبر من كل عام أجدُ نفسي حزيناً على الحال الذي يمر فيه أبناء هذه الفئة من تهميش وإهمال ونسيان ولا مُبالاة من قبل الجميع إن كانت جهات مسؤلة أو حتى مؤسسات خاصة. أجد نفسي حزيناً على منظر ذلك الشاب الذي يجلس في كُرسيه على رصيف الشارع وأمامه"بسطة أحذيه" ويُنادي بسعر الحذاء ليشتري منه المارة. هذا الموقف ليس مُخجلاً له بل على العكس تماماً يؤكد للجميع قدرته على العمل, لكنه عيباً على كل الجهات التي توانت في توفير له مصدر دخلٍ يعتاش به, أو وظيفة يصرف على نفسه من خلالها كي لا يكون عالةً على أهله ومن حوله, أجد نفسي حزيناً ومتألماً على أصحاب الإبداع الذين لم تمنعهم إعاقاتهم الصعبة من أن يُقدموا إنجازات في شتى المجالات, لكن ما هو أقسى أنهم إنتصروا على ظروفهم الجسدية بينما ما زالوا يحاربون في ساحة النسيان للفت إنتباه الوطن لعل فيه من ينصرهم, يهتم بهم, يدعمهم دون أن يُحرجهم أو يجرحهم. حزين على من حلمه منذ عشرات السنوات أن يخرج من البيت, يتجول في أحياء مدينته أو قريته, يعيش لحظات الغروب الجميلة, لكنه رغم بساطة الحلم يبقى حلم ذلك لأنه يفتقد لكرسي حريته, أو لأن البيئة والبُنية تقف حاجزاً أمامه.

لن أتحدث عن دمج المعاقين في المُجتمع لأن الإنسان القوي هو من يفرض وجوده على الجميع, ولن أتطرق للإتفاقيات العالمية التي لم نُطبقها. لكن يهمني أتسآءل عن الحياة الكريمة التي أوصت هذه الإتفاقيات على تأمينها وتحسينها وتوفير سُبل المشاركة الفاعلة التي من شأنها الحفاظ على كرامتنا وتُلبي طموحاتنا وتساعدنا في الوصول إلى آمالنا المرجوة...أين هي!!!