دستور جديد - قفزة للأمام
لا يتوقع أحد إجماعاً شعبياً حول توصيات اللجنة الملكية لمراجعة الدستور ، فالاجتهادات متعـددة حتى داخل اللجنة ، وبعض الاعتراضات كانت معدة سلفاً ، وخاصة القول بأن التعديلات ليست كافية ، وأن اللجنة لم تتعمق كثيراً ، وأن توصياتها لا تلبي كل الطموحات ، فمثل هـذه العبارات متوقعة ولا تفاجئ أحداً.
يحسب لهذه التوصيات أنها ، بالرغم من عددها الكبير ، (42 توصية) ليس فيها توصية واحدة تمثل خطوة إلى الخلف ، وهذا أمر هام بعد 30 عاماً (1954-1984) من التعديلات ، كانت كلهـا تقريباً تشكل رجوعاً إلى الخلف. نحـن الآن بإزاء دستور جديد وعهد جديـد ، إن لم يكن مثالياً فإنه يمثل خطوة واسعة إلى الأمام.
يمكن تقسـيم التوصيات الدستورية إلى قسـمين: الأول جوهري والثاني عبارة عن تحسينات بسـيطة. أما التوصيات الجوهرية فقد وردت في خطاب جلالة الملك وفي مقدمتها:
- إنشاء محكمة دستورية تبت في دستورية القوانين.
- وجوب استقالة الحكومة التي تحل مجلس النواب.
- إيجاد هيئة وطنية مستقلة لإدارة الانتخابات العامة.
- محاكمة الوزراء أمام محكمة نظامية رفيعة.
- محكمة البداية تختص بالفصل في صحة عضوية النواب.
- الحيلولة دون غياب مجلس النواب.
النصوص مهمـة ولكن احترام هـذه النصوص وعـدم تجاوزها لا يقل أهمية ، فالدستور الحالي يحصر إصدار القوانين المؤقتة في حالات مواجهة كوارث أو نفقـات عاجلة لا تحتمل التأجيل ، ولكن ذلك لم يمنع إحدى الحكومات من إصدار 211 قانوناً مؤقتاً.
أما أسـلوب تشكيل الحكومات البرلمانية فيبدو أنه مؤجـل بانتظار بروز الأحزاب البرامجية ، ومع ذلك فإن البرلمان يحتفظ بسـلطة كاملة في حجب الثقة عن أية حكومة لا يرضى عنها. وهي سلطة يجب أن يمارسها المجلس في الحالات التي تستوجب ذلك. وربما كان على الحكومة الجديدة أن تطلب الثقـة فوراً وقبل أن تبدأ بممارسـة أعمالها ، ولا داعي لبيان وزاري يعرف الجميـع أنه موضوع إنشاء ، فالثقة المطلوبة هي بالأشخاص على ضوء تاريخهم وإنجازاتهم ومواقفهم وليس على البيان الذي يعده إعلامي مفـوّه.
الدعم الكامل الذي عبـر عنه جلالة الملك لمشروع تعديل الدستور يميز عملية الإصلاح السياسي في الأردن من حيث أنها تتـم سلمياً ومن خلال النظام وليس في مواجهته.