الفساد..والعلاج «بالصدمة»


بدون مقدمات.. نشير الى ان الفساد أصبح وباء عالميا.. فغالبية بلاد الدنيا لا تخلو من فساد ومفسدين.. بدءا من اميركا وفرنسا وبريطانيا، وليس انتهاء بالصين.. ناهيك عن دول العالم الثالث، وبخاصة العربية والاسلامية.. التي أصبحت مرتعا خصبا لهذا الوباء، وقد أخذ يهددها بانها قد تصبح « دولا فاشلة « اذا لم يتم القضاء على هذه الافة الخطيرة..
وبوضع النقاط على الحروف...
فان غياب الديمقراطية الحقيقية، وغياب القوانين الرادعة، يشكلان الارض الخصبة التي تسمح لهذا السرطان أن ينتشر، ويتجذر، كما ينتشر ويتجذر نبات «الهالوك»..الذي يقضي على النباتات والزروع والورود، ويحيل الارض الخصبة الى يباب..
لا يمر يوم واحد، دون أن تنقل «الميديا» اخبارا عن الفساد والمفسدين في طول الدنيا وعرضها، كان آخرها القبض على مدير الانتربول، وهو بالمناسبة صيني، قبضت عليه السلطات الصينية لانه متهم بالرشى..!!
وهذا-في تقديرنا- يستدعي التأكيد على ان السبيل الوحيد، وكما ثبت من خلال تجارب الدول التي نجحت في القضاء على هذا المرض، هو الاخذ وتطبيق الديمقراطية الحقيقية، فالالتفاف على هذه الديمقراطية، واستبدالها بديمقراطيات شكلية، وعدم تطبيق القوانين الرادعة، هما السبب في تجذر الفساد وفي تكاثر المفسدين كما تتكاثر الفطريات والسرخسيات، وهو ما يظهر جليا واضحا في كثير من الدول العربية ...حتى أصبح –مع الاسف- وجود الفاسدين والتعامل معهم امرا عاديا.
نماذج كثيرة حملتها الاخبار خلال الشهور القليلة الماضية حول اساليب وطرق مكافحة الفاسدين والتصدي لشرورهم المروعة، وقد اتسمت جميعها بالجرأة والتشهير بالفاسدين، ليكونوا عبرة لغيرهم.. واطلق عليها البعض «العلاج بالصدمة».. ومنها:
قيام رئيس وزراء اوكرانيا بوضع احد الوزراء الفاسدين في حاوية للقمامة امام حشد كبير للمواطنين.. الذين هللوا وصفقوا للقرار الجريء.
قيام الرئيس التنزاني بطرد «10»الاف موظف من الخدمة العامة بينهم وزراء ومسؤولون كبار وتعليق صور الفاسدين الكبار في الميادين والشوارع العامة.
قيام رئيسة وزراء كرواتيا ببيع طائرة الرئاسة وجميع سيارات الوزراء، للقضاء على الازمة المالية وركوب الحافلات العامة..
قيام رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد بمنع رئيس الوزراء السابق «عبد الرزاق» من السفر ومصادرة امواله الخاصة، والتحقيق مع «6» الاف متهم خلال اسبوع متهمين بالفساد، ما ترتب عليه استرداد «500»مليار من اموال الدولة المنهوبة من بنوك سويسرا وبريطانيا واميركا.
ومن المؤسف ان دولا عربية عدة تتصدر قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم، وان هذا الوباء هو السبب الحقيقي لتراجع هذه الدول وتراجع اقتصادها، مكانتها، وفقدانها لمصداقيتها.
ولا يخفى على القراء الكرام بان اميركا رغم مكافحتها الشرسة للفساد، واتخاذها اقسى العقوبات بحق المتهربين من دفع الضريبة، الا انها تشجع بطرف خفي ظاهرة الفساد، وتتعامل مع الفاسدين، المستعدين لخدمة مصالحها.. وتقوم بحمايتهم..
ومن المؤسف ان هذه الظاهرة قد وصلت الى السلطة الفلسطينية، وقد جرى بالفعل محاكمة العديد من الوزراء وكبار المسؤولين والاستعانة بالانتربول لاحضار الهاربين من العدالة، وقد سرقوا لقمة عيش الشعب الصابر المقاوم.
باختصار..
ان فشل كافة اساليب وطرق مكافحة الفساد والمفسدين، يؤكد غياب الديمقراطية الحقيقية وغياب التشريعات الرادعة، واللجوء الى الانتقائية في تطبيق القانون، ما يفرض «العلاج بالصدمة « كما جربت دول اخرى..والعودة الى بداية السطر، الى الديمقراطية الحقيقية المسلحة باسنان حديدية، كما هو في الدول الغربية، لسحق الفاسدين وتطهير الارض من هذا الوباء الذي ينذر بالويل والثبور وعظائم الامور..
وسوى ذلك هو اقرب الى الضحك على الذقون.
ولا حول ولا قوة الا بالله.