المحامي/ فيصل البطاينة يكتب : ثغرات في التعديلات الدستورية المقترحة
رغم أن التعديلات الأخيرة قد تضمنت أمور في غاية الأهمية إلا أن هذه التعديلات أغفلت بعض الأمور التي لا يجوز إغفالها هذا بالإضافة إلى تناقض بعض التعديلات مع بقية المواد بالدستور التي بقيت على حالها، لذا لا بد من التركيز على الأمور التالية والتي أغفلت وأبقت معظم التعديلات الدستورية شكلا وبلا مضمون.
فالمادة الأولى من الدستور تنص على أن الدولة الأردنية ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه وجاءت التعديلات الأخيرة على المادة 33 من الدستور لتجيز التعديل في أراضي الدولة أو الإنقاص من حقوق السيادة على أراضيها حيث تجاهل التعديل نص المادة الأولى من الدستور المشار إليها. و ذلك من أجل تكريس قانونية الأراضي المؤجرة للإسرائيليين ( أراضي الباقورة ) في قانون اتفاقية وادي عربة .
أما المواد الدستورية 15 و 124 و 125 والمتعلقة بإعلان الأحكام العرفية فبقيت على حالها ولم تطالها أية تعديلات خاصة المادة 124 من الدستور والمتعلقة بقانون الدفاع بقيت على حالها وتركت المجال لمجلس الوزراء أن يطبق هذا القانون عندما تقتضي الحاجة وبتطبيقه حسب النص الدستوري يوقف تطبيق قوانين الدولة العادية ليبقى قانون الدفاع سيفا مسلطا بيد السلطة التنفيذية.
وكذلك المادة السادسة من الدستور التي تقول أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم بالحقوق والواجبات وبقيت على حالها لتتعارض مع بعض القوانين والأنظمة كنظام الكوتا بالانتخابات.
وكذلك المادة 42 المتعلقة بالوزراء حيث لم يشترط الدستور بتعيينهم إلا أن يكونوا أردنيين ولم يشترط بهم ما يشترطه بالنائب أو العين حسب المادة 75 من الدستور. علما بأن التعديلات الدستورية الأخيرة أضافت شرطا بالوزير أن لا يحمل جنسية أجنبية متناسين أن عدد غير قليل من وزرائنا حملوا ويحملوا الجنسيات الأجنبية منذ عشرات السنين.
ولا يفوتني أن استذكر المادة 34 من الدستور التي تنص على أن للملك حل مجلس النواب قبل أن ينهي المجلس مدته الدستورية هذا النص الذي بقي على حاله هو نص فريد في دستورنا الأردني تخلوا منه الدساتير والقوانين لدى الدول الأخرى ولا تبيح تلك القوانين لأي جهة كانت حل مجلس النواب قبل انتهاء مدته الدستورية وليبقى موضوع الحل قبل انتهاء مدة المجلس الدستورية سيفا مسلطا على رقاب النواب بقي هذا النص لتنسب به الحكومة متى شاءت.
وكذلك المادة 64 بقيت عبارة (من ماثل هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب بموضوع تعيين أعضاء مجلس الأعيان ثغرة توصل عدد من الذين لا ينطبق عليهم صدر هذه المادة فيصبحوا أعضاء في مجلس الأعيان بدون أن يكون لهم أحقية بذلك فكم من النواب لمرة واحدة أو لأشخاص لم يكونوا من الدرجة التي نصت عليها المادة الدستورية وصلوا إلى قبة مجلس الأعيان بدون وجه حق تحت ستار عبارة من ماثل هؤلاء من الشخصيات...الخ ليتم التحايل على الدستور في وضح النهار.
بعد الذي ذكرت لا يجوز أن ننكر جهود اللجنة الملكية لمشروع التعديلات الدستورية الذي تقدمت به حيث وفقت في العديد من تلك التعديلات خاصة المتعلقة بالقوانين المؤقتة و بالسلطة القضائية حيث أعيد للقضاء بعضٌ من اختصاصاته التي سحبت لصالح محكمة أمن الدولة أو لصالح المجلس العالي لتفسير الدستور ومحاكمة الوزراء.
إن إنشاء المحكمة الدستورية وإحالة الطعون بالنواب إلى المحاكم المختصة وكذلك إنشاء الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات كل ذلك كان من إيجابيات أعمال هذه اللجنة التي منها أيضا زيادة فترة الدورة العادية النيابية وفترة رئاسة مجلس النواب وتخفيض الحد الأدنى لعمر النائب وكذلك اشتراط عدم حمل الجنسية الأجنبية للنواب والوزراء الأعيان ومجانية التعليم الأساسي بدل الإبتدائي وإضافة النقابات للجمعيات والأحزاب بعد أن غفل عن ذكرها الدستور قبل هذا المشروع مثلما غفل عن ذكر عبارة وسائل الاتصال التي لم تذكرها المادتين 15 و 16 من الدستور حيث هي من التطور الحديث في العالم مشيراً إلى أن المحكمة الدستورية المزمع إنشائها لا بد لها من إعادة النظر في كل القوانين و الإتفاقيات المخالفة للدستور قبل إنشاء هذه المحكمة لأن القاعدة الفقهية تقول ( الضرر لا يكون قديماً ) كما تجدر الإشارة إلى أن مشروع التعديل تجاهل حق المواطن المتضرر من اللجوء إلى المحكمة الدستورية و قصر هذا الحق على الحكومة و مجلس الأمة هذا بالإضافة إلى أن مشروع التعديل جانب الصواب حينما حدد صلاحيات و اختصاصات ِقضاة المحكمة الدستورية مع أن كل ذلك كان يتوجب أن يشار إليه بوضوح في قانون خاص يسمى قانون المحكمة الدستورية المزمع إنشائها بموجب التعديلات الدستورية .
وخلاصة القول وطالما أن مشروع التعديلات الدستورية سيحال إلى الحكومة لتتقدم به إلى مجلس الأمة ومن أجل أن يكون هذا التعديل متوافقا مع رغبة القائد والشعب في الإصلاح السياسي لا بد من بحث النقاط التي وردت في المقال وضرورة الأخذ بها كي تكون عملية الإصلاح السياسي من خلال التعديلات الدستورية مقنعة للقيادة وللشعب وليست عرجاء لا يستطيع مجلس الأمة أن يضيف عليها شيء حسب صلاحيته الدستورية وإن غدا لناظره قريب.