هل تغيّر معنى الوطنيه ؟؟؟؟

كثيرا ما نسمع مصطلحات وكلمات تثير فينا عواطف وتدفعنا لإتخاذ مواقف تؤثر في حياتنا ومسارها لفترات طويلة ولكثرة ترداد تلك المصطلحات والعبارات تصبح من المسلّمات  خاصّة في ظروف معيّنة وضمن بيئة مناسبة .

ومن تلك الكلمات ما هو منسوب للوطن مثل هذا رجل وطني أو موقف وطني أو هدف وطني أو مناسبة وطنيّة أو موضوع وطني .......

فهل يا ترى أنّ هذه الصفة تبقى ثابتة في كل الظروف والأزمان والسؤال هل يمكن أن يتغيّر الرجل في مواقفه من وطنيّ إلى غير وطني أو حتّى خائن للوطن وهل العكس تماما صحيح أم لا وهل يجب أن يكون الإنسان في موقعه كمسؤول هام هو وطني بالفطرة وبشكل عام أم هل يكفي وجود بعض المواقف الوطنيّة في حياته حتّى وإن كانت هامشيّة تكفي لكي يتبوأ منصبا مسؤولا في الوطن وإدارة الحكم فيه

أنا أعلم أنّ مواقف الدول من بعضها تتغيّر وذلك حسب مصالح الدول الوطنيّة وهذا مفهوم ضمن تحقيق مصلحة المواطن وسيادة الوطن في بلد ما مما يغيّر في وتيرة العلاقات بين الدول أمّا مواقف الأشخاص في دولة ما فيجب أن تصبّ في مصلحة الوطن وليس في مصلحة أي بلد آخر وأنا أستثني هنا المواقف التي تفرضها الدوائر الأمنيّة والإستخباريّة على بعض مواطنيها لأغراض وأهداف وطنيّة وهذا بالتالي عمل مهني وطني ولذلك كانت وما تزال عقوبة التجسس والخيانة من أشد العقوبات في القوانين المعمول بها في معظم الدول .

والمقصود هنا هو تساؤل عام وهو هل يمكن أن يأتي يوم نكتشف فيه نحن العرب أنّ بعض المناسبات والرجالات التي إعتبرناها في تاريخنا وطنيّة في دولة ما أو قوميّة في عالمنا العربي لم تكن كذلك ؟؟؟

وفي مثل تلك الحالة هل يمكن إصلاح ما أدىّ إليه ذلك الإفتراض وتبعاته على المواطنين وهل يمكن محاسبة من روّج وساهم في ذلك الإفتراض ويذكرني هنا ما قاله الزعيم الراحل شكري القوّتلي أننا كحكّام عرب نتّخذ قرارات من اجل سوريا ومواطنيها متأكدين أنها قرارات وطنيّة لنكتشف بعد ذلك أنها تحقّق الأهداف الإستعماريّة الفرنسيّة في بلادنا .

وما يجعلني أكتب في ذلك هو نتيجة تصويت مجلس النواب على منع محاسبة وزارة دولة البخيت الأولى بخصوص موضوع الكازينو وأنا لا أشكك بنتيجة التصويت أو صحّة طرح الموضوع أو طريقة معالجته ولكن اتسائل هل موضوع كهذا تمّ دراسته بشكل كامل لكي لا نكون قد وُضعنا في موقف خاطىء عندما نحمّل مسؤليّة الخطأ إن كان قد وقع على شخص واحد أو أن يُتخذ تصويت النوّاب مستقبلا كسابقة لقرارات أخرى تمسّ قيمنا واخلاقنا وعقيدتنا ودستورنا!!!

وهل صفة الوطني للرجل قد إنقلبت فبعد أن كان المواطن وخاصّة المسؤول يحمل الوطن في حلّه وترحاله ويضعه في قلبه وبين رموش عينيه خوفا من الحاسدين والحاقدين أصبح الوطن سلعة يتقاسمها بعض المسؤولين والفاسدين كلّ منهم يريدها له ولأولاده غنيمة خالصة .

وهل اصبح الوطن غيمة صيف عابره يتغنّى بها من يريد أن يصل لهدف ذاتي ثم يتركها للغير لكي يأخذ نصيبه منها

وقد أثبتت لنا ثورات الربيع العربي أن حكاما وُصفوا بالوطنيين وتغنّت بهم الجماهير وتبيّن انهم اشدّ عداء على مواطنيهم من عدوان اسرائيل على العرب في تقتيل شعوبهم ونهب ثروات اوطانهم ونجد حتّى الآن من يطلب الرحمة في محاكمتهم بحجّة كبر سنّهم ومهابة مركزهم متناسين أنّ شعوبهم إكتوت بنار ظلمهم وبطشهم عقودا من الزمن .

وقد إندثر هؤلاء القادة الوطنيين لعقود وما زال البعض يقاتل بعناد معتمدين على وطنيّتهم كما يزعمون وقد اثبتت الوطنيّة انّهم منها براء.

وإذا كانت الأوطان لتحقيق المكاسب للقادة والفاسدين فقد خُدعنا لفترات طويلة بهذا الإنتساب للوطن  حيث كان منّا التضحية والجوع والفقر والإنتماء والإخلاص وكانت الثروة والمكاسب للمنتفعين والفاسدين

ولكن مهما قست الحياة علينا فإنّ الموت بعد الجوع بشرف أفضل من الثراء بخِسّة والحياة بلا شرف ودون كرامة .

ومهما طال الزمن لن تتغيّر معاني الوطنيّة ولن يتغيّر رجال الوطن وستندحر جميع القيادات غير الوطنيّة وستفشل جميع القرارات اللاوطنيّة طال الزمان أو قصر.

وفي أردننا الغالي أكّد جلالة الملك توجّه القيادة الهاشميّة لإحداث اصلاحات فعليّة وتعديلات جوهريّة على الدستور لما فيه مصلحة المواطن وسيادة الوطن .

قال تعالى: { وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}صدق الله العظيم

قال عليه الصلاة والسلام :"إن الحلال بَيِّنٌ والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِرْضه؛ ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام - كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه - ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"