ترَمب «مُفاوِضاً» طالبان... هل اعترَفت واشنطن بـِ»هزيمَتها»؟

بعد «المحادثات» غیر المسبوقة في أبعادھا ودلالاتھا التي أجراھا زلماي خلیل زاد، الذي یحمل الآن صفة «المبعوث الأمیركي للمصالحة الأفغانیة، مع ممثلي حركة طالبان الأفغانیة في العاصمة القطریة الدوحة، حیث «كان» ّ تم افتتاح مكتب للحركة بناء على طلب أمیركي «سابِق» قدمتھ إدارة اوباما، ما لبثت إدارة ترمب أن رأت فیھ دعماً للإرھاب، جاء إعلان الرئیس ترمب نِیّتھ زیارة قواتھ في العراق وافغانستان، مثابة اعتراف بفشل الاجتیاح الأمیركي لكل من العراق وقبلَھ أفغانستان، التي تخوض فیھا الولایات المتحدة أطول حروبھا في التاریخ، وأنھ وصل إلى نھایتھ وأن الإقرار بالھزیمة الأمیركیة الأسوأ بعد حرب فیتنام في افغانستان... باتت مسألة وقت، وخصوصاً أن جھود الإدارة الأمیركیة ُ م ّكرسة الآن للبحث عن صیغة تحفظ ماء وجھ أمیركا، التي تجد صعوبة في تمریر سردیتھا المتھافِتة حول حربھا على الإرھاب، ومطاردتِھا حركة طالبان، التي أوجدت ملاذاً آمناً ووفّرت حكومتھا الدعم الكافي لتنظیم القاعدة وزعیمھ أسامة بن لادن، كي یجرؤ على ّ المس بأمیركا واختراق أمنھا، على النحو الذي تم في الحادي عشر من أیلول 2001 ، ما أفسح المجال أمام دمیة المحافظین الجدد جورج بوش الإبن، لتطبیق المبدأ الذي ّ أقره متشددو البیت الأبیض، بزعم نشر الدیمقراطیة وتقسیم دول المعمورة إلى ُ م َ عسكرین: أحدھما للأخیار والثاني للأشرار، ولیُ ِعلن ھؤلاء بصلف ِ وغلظة: أن َ من لیس َ معنا... فھو .ضدنا ما تزال الذاكرة تحتفظ بأقوال قائد أحد أسراب الطیران الأمیركي بعد بدء الغزو لأفغانستان في السابع من تشرین الأول 2001 ،عندما قال في غطرسة: لم یعد ثمة ھدف في ھذه البلاد نقصفھ، بعد أن ّ دمرنا كل ما رأیناه بأعیننا من منشآت وقواعد وأكواخ وطرق. كما تحضر الآن َزوین الأمیركیین لكل من أفغانستان والعراق، إذ قال رداً على سؤال: لماذا لم یتفقّد القوات الأمیركیة في ھذین أراء ترمب نفسھ في الغَ البلدین؟: لا أرید توریط نفسي بھاتین الحربَین ِ الفاشلَتین، ِ واصفاً أیاھما بأنھما «العار التام»، ُ معتبِراً على وجھ الخصوص»أن غزو العراق .« ِ خطأ فادح، ما كان علیھ أن یحدُث أبداً ُ وإذ تبدو أقوال ترمب في ضوء سیاساتھ العدوانیة في سوریا والعراق، متناقِضة مع تلك القناعات التي یرید بثّھا في طریقھ إلى المفاوضات، التي بدأھا مبعوثھ مع حركة طالبان. حیث «الحركة» ما تزال ُ مصنّفة أمیركیاً على أنھا إرھابیة, وأنھا ما تزال تح ِ تضن زعیم تنظیم القاعدة أیمن الظواھري وتوفر الحمایة لھ، فضلاً عن تأكید ترمب وأركان إدارتھ أن «قواتھم» باقیة في كل من العراق وخصوصاً سوریا، بذریعة منع ایران من استكمال طریق طھران بیروت المار بكل من بغداد ودمشق، وتحدیداً في ما خص ربط الانسحاب العسكري الأمیركي من الأراضي السوریة بــ»بدء عملیة سیاسیة ذات مصداقیة (...)»، والتي تعني في نظرھم إطاحة الرئیس السوري، عبر «انتخابات» معروفة النتائج سلفاً ولتمكین أدواتِھم في ما تبقّى من ُ م َعارضات، من ایجاد موطئ قدم في سوریا بعد فشل الرھان الغربي والعربي على ثورتھم المزعومة، فإن ما كشفتھ تصریحات خلیل زاد من ُ معطیات ُ وتفاؤل تدفع للإعتقاد أن ادارة ترمب في َ عجلة من أمرھا، وترید تحقیق»إنجاز»ولو إعلامي، عبر القول: أن ترمب قد أوفى بوعد آخر لھ، وھو سحب جیوشھ من أفغانستان. ولھذا كانت ُ مف ِ اجئة توقّعات خلیل زاد المتفائِلة بعقد»صفقة»سلام مع حركة طالبان قبل نیسان المقبل. (الموعد ُ الم َحتمل للانتخابات الرئاسیة في ذلك البلد المنكوب). بل أن المبعوث الأمیركي لم یتردّد في الایحاء بثقة، بأن إمكانِیة الوصول»الى اتفاق سلام بین طالبان والحكومة الأفغانیة، أصبحت أقرب من طباعة مع التعلیقات طباعة -A A +A انسخ الرابط م أي وقت مضى .فھل ثمة... میدانیاً وعبر المفاوضات الأمیركیة مع طالبان، ما یدعم ذلك؟ » ِلحق بھا ھجمات طالبان المزید من ُ م ِزمناً وتُ ِظھر عجزاً تبدو طالبان في وضع أفضل بكثیر مما ھي علیھ حكومة أشرف غني، التي تُ الھشاشة وانعدام الفاعلیة، وظھورھا بأنھا لا تُسیطر حتى على معظم أحیاء العاصمة كابل، ما بالك غالبیة الاقالیم التي تبسط طالبان سیطرتھا علیھا – فضلاً عن العزلة التي كانت علیھا في لقاء موسكو الذي ُ عقد قبل أسبوعین (11/9 (وحضره ممثلون عن كل من طالبان وحكومة غني وآخرون من «12 «دولة، بدا فیھ ممثلو كابل في وضع لا یُحسدون علیھ، عندما ّ أصر «ممثلا» طالبان على عدم التفاوض ِھمین أیاه بدعم مع ممثلي الحكومة الأفغانیة مباشرةً لأنھم»لا َ یرونھا حكومة شرعیة»، ما دفع ھؤلاء للتصویب على ُ المضیف الروسي، ُ متّ حركة طالبان، ومحاولة خطف الأضواء بمنح الشرعیة لطالبان، ولإثبات تأثیر موسكو على الحركة، أكثر من كونھ معني بتحقیق سلام حقیقي»بل ذھب ممثلو حكومة غني بعیداً في الدعوة إلى»أن تكون المباحثات مع طالبان، تحت اشرافھا ھي (كابل) ولیس بإشراف أجنبي»، َھمة» بدعم طالبان . ِغام ُ زین من قناة موسكو «المتّ لا تبدو واشنطن معنیة بمواقف حكومة كابل أو تأبھ بھا، ُ مدركة بأن ھزیمة طالبان لم تعد واردة، وأن الوقت قد حان للانسحاب بسرعة من المستنقع الافغاني، بعد ان لم ِ تستخلص دروس ِ وعبر الغزو السوفیاتي الذي أسھمت واشنطن وبعض العرب في تأجیجھ عبر دعم من ُو ِصفوا بـ»المجاھدین». لكن المأزق الأمیركي الراھن والممتد سبعة عشر عاماً، كان أعمق وأكثر ُ كلفة من ذلك السوفیاتي، الذي تسبّب .. ّ ضمن أمور أخرى، في تفكك الاتحاد السوفیاتي موسكو (الحالیة) بدورھا تُدرك أن الإعلان عن ھزیمة أمیركا في أفغانستان باتت مسألة وقت، ولھذا وھي تُجاھر بمعارضتھا بقاء الجیوش الأمیركیة على الأراضي الأفغانیة، تبذل جھوداً مضاعفة لإنضاج ظروف مناسبة، تسمح بمواصلة المفاوضات بین الأطراف ذات الصلة بالمسألة الأفغانیة بمن فیھم طالبان وحكومة كابل، وبخاصة بعد أن نشأت معادلات وتحالفات واصطفافات جدیدة في المنطقة، غدت فیھ – على سبیل ِ المثال – باكستان في المعسكر المقابِل لواشنطن، فیما تبدو الھند أقرب جداً الى الولایات المتحدة وداعمة بلا تحفظ لحكومة كابل، ناھیك عن دَ ْو َر ّي كل من ایران والصین، في التأثیر ومراقبة ما یجري عن كثب، والاستعداد المقرون بممارسات میدانیة لمواجھة المخططات الأمیركیة. التي ھي في جزء منھا ِ تستھدف ّ بث الاضطرابات ودعم حركات ّ التمرد والإرھاب ِ داخلھما وعلى تخومھما، كما .على تخوم روسیا وجوارھا