أولويات الحكومة بين الطموح والواجبات
أولويات الحكومة بين الطموح والواجبات
بعد إعلان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز عن برنامج حكومته للعامين المقبلين فقد وضع الرئيس نفسه وحكومته في المقام الأول أمام تحدٍّ ربما سيكون من أصعب التحديات التي تواجه هذه الحكومة , كما أنه وضع جميع المواطنين أمام نفس التحدي في المقام الثاني .
لا يختلف عاقلان على أي محور من محاور الخطة الثلاثة التي أطلقها رئيس الوزراء , فمن منّا لم يطالب يوما بتطبيق فعلي لدولة القانون والتي أساسها ( الإصلاح السياسي وصون الحريات وتطبيق القانون على الجميع وحماية المال العام وتعميق روح المواطنة الفاعلة ) ؟
ومن منّا يختلف مع الوصول إلى دولة الإنتاج ( وتوظيف الموارد المالية والطبيعية والبشرية لرفعة مستوى معيشة المواطن ورفاهه وتعزيز مبدأ الاعتماد على الذات ) ؟
ومن منّا جميعا يقف ضدّ دولة التكافل والتي تهدف إلى ( المحافظة على كرامة المواطن وتحميه من الفقر وتقدم له خدمات أساسية نوعية كالصحة والتعليم والنقل ليمارس دوره كمواطن فاعل ومنتج ) ؟
من استمع لبرنامج الحكومة يشعر أنه برنامج يختلف عن ما سبقه من برامج لأن الرئيس قد أعلن عن تعهّد بالتنفيذ كما أعلن أيضا أن هذا البرنامج سيتضمن برنامجا زمنيّا لتنفيذه ومؤشرات أداء قابلة للقياس بالإضافة إلى تخصيص المبالغ المطلوبة للتنفيذ في موازنة عام 2019 وهذا ما سيسهّل على مجلس النواب وجميع المواطنين من مراقبة ومحاسبة الحكومة في حالة التقصير في تنفيذ أي من الأهداف والمشاريع المعلنة .
قلت في البداية أن الحكومة قد وضعتنا جميعا أمام تحدِّ ليس سهلا مثلما قد وضعت نفسها أمام هذا التحدي , فالآن جميع الوزارات المعنية بتنفيذ البرنامج عليها وضع آليات لمتابعة التنفيذ بالتشاور والتعاون مع اللجان المعنية في مجلسي النواب والأعيان ذات العلاقة بالمشاريع المعلنة وكذلك التنسيق مع النقابات وهيئات المجتمع المدني ومجالس المحافظات ( اللامركزية ) والبلديات .
ولا يستطيع أحد أن يغفل عن دور الإعلام المسؤول الواعي في المراقبة والتوجيه والنقد البنّاء في إنجاح تنفيذ البرنامجٍ , مع أنني قد استغربت ردة فعل بعض وسائل الإعلام على خطة الحكومة منذ إعلانها والتي ذهبت إلى التركيز على حركات يدي رئيس الحكومة وما إذا كان الخاتم والدبلة في اصبعيه من ذهب أو فضة ! فواجب الإعلام ودوره المحترم يفوق بكثير ما ذهبت لنقاشه بعض تلك الوسائل , دور افتقد لاحترام عقلية المواطن الأردني .
وأخيرا : سأكون ممن يظلمون أنفسهم إن أخفيت تفاؤلي بهذه الخطة الواضحة المعالم , هذا التفاؤل النابع من الإيمان بقدرات المواطن الأردني والتي تبرز دوما أثناء التحديات , والعامان المقبلان ليسا فترة طويلة لأي مواطن للحكم على أنّ برنامج الحكومة قد نجح ـ وهذا ما أتمناه ـ أو أنه قد فشل .
عبد الغفور القرعان .