إضاءات لقنديل معتم

إذا كانت (فنتيكية) ومهزلة يونس قنديل المخزية، قد أتخمت هواءنا شحباراً وسناجاً وعتما خلال الأيام الماضية، فهي بكل تأكيد ستبقى درساً منيرا لمن يفتح قلبه وعقله. فلم يعد كافيا أن نرجع البصر كرتين في هذه الأيام العصية على التصنيف، بل علينا أن نكّره مرارا وتكرارا، ونراجعه أكثر وأكثر. فالأشياء تُقرأ من زوايا مختلفة، وبنيات أكثر اختلافا أو خلافا.
حينما كشف قنديل عن ظهره؛ لنقرأ الخرائط الموشومة عليه، وأراد أن نلمح فيها رسالة مضللة. حين رأينا هذا المشهد، بعث لي صديق ضالع بضروب الاحتيال: زلمتكم (هيلمجي)، ويلعب بالبيضة والحجر.
وحين طلبت دليلا، قال هذه الخرمشات ليست وشماً يتركه شخص يريد أن يوصل رسالة ويفرك أذناً. هذه (خرابيش جاج) ولعب أولاد صغار. فعندما تخطف شخصا وتعذبه، فإن الملامة والعقاب واحد، ولهذا فعليك أن توجع وتوجع. وهذه (حسمسة) يا قرابة.
إذا كان يبيح لنا الخيال، أن نتقمص المثل الشعبي الإنجليزي الصادم: (حط حالك في حذائي)، فإن لا أحد سيقبل أن يستجمع قوى خياله وشطحاته؛ ليضع نفسه بالقرب من شخص أطعم نفسه فستقاً فارغاً، وانحط إلى درك سحيق من نوايا الفتنة، بكل هذه السذاجة والغباء.
الحياة موقف، نؤكد هذا، ونثني عليه، ولكن ليس بالضرورة، أن تكون دائماً على أهبة الاستعداد وبلمحة ضوء قادرا على تشكيل وتبني هذا الموقف، ثم تختبئ خلفه وتصم أذنيك وتغلق عينيك عن المشاهد والزوايا والحقائق الأخرى. كن قاضيا لنفسك.
بعد هذا، سيكون علينا أن نتحصن في أمر عميم، حتى مع الأنباء التي نعتقد بصدقها: التبين والتبين والتبين. ثم التريث مع القضايا الشاهقة حينما يلتبس الأمر، كي لا نفجع بألم شاهق أكثر، حين يسقط من ذلك الارتفاع من تبنينا رأيه، أو وقفنا معه وساندناه.
الأفكار المعلبة وصواريخها الموجهة دوما نحو هدف واحد. هذه لا تبني مجتمعا صالحا بل تجعلنا في ضحالة دائمة. فحتى بعض من اعتقدنا، أنهم مفكرون ظهر تفكيرهم، كردة فعل، أو بدا وكأنه ناجم عن نية للنيل من آخرين. أي يكون موجها لجواب. ولا يأتي على شكل فعل أصيل نافع.
الدرس الأكثر إضاءة. ليس أن من يمشي على قدميه لا تحلف عليه. بل عليك أن تؤمن إيمانا قاطعا أنك إن نجحت؛ فسينافسك المنافسون، ويحاولون أن يشاركوك أو يسرقوك، أو يقفوا بجوارك في مؤتمرك الصحفي. ولكن إن فشلت، فسيقفز من قاربك المثقوب، حتى أعز أصدقائك، وأهلك.