ثقافتنا السیاسیة في أزمة

 تمر ثقافتنا السیاسیة منذ عقود بأزمة سوء فھم لبعض المفاھیم السیاسیة خاصة في المصطلحات وخلط واضح بین المفھوم كمصطلح وبین الواقع. وتواجھ ھذه المصطلحات ھجوماً حاداً غیر مبرر علمیاً ولا معلل او مسبب إجتماعي، لذلك تعاني ثقافتنا السیاسیة من قصور واضح مشوب بعدم .الوعي على قیمة المصطلح ومعناه ومشوب بسوء الفھم والوعي على الواقع والمعنى وسوف اركز على مصطلح اللیبرالیة وخلطھا بالدیمقراطیة في الفكر السیاسي وباسم الدیمقراطیة تتصارع البرامج السیاسیة وفي نھایة القرن الماضي ومع سقوط الدیمقرطیات الشعبویة وإنكشاف ما تخفیھ ھذه الدیمقراطیات من تسلط وإحتكار للسلطة من خلال الحزب الواحد عندھا تماھت الدیمقراطیة مع اللیبرالیة ومع شكلھا المتحقق تاریخیاً اي الدیمقراطیة البرلمانیة انتھى ھذا الصراع. وقد انتجت خطاباً دیمقراطیاً لا ینفصل عن اللیبرالیة، ومع التحدي الذي تواجھھ الدیمقراطیة من قبل الحركات الاسلامیة طرحت اللیبرالیة التي تقوم على تبني المستوى .الاقتصادي الذي یؤكد المبادرة الفردیة والاقتصاد الحر وإن تعذر فھم الاشكالیة الاسلامیة من حصر فھم الدیمقراطیة بالفھم اللیبرالي إن المبدأ اللیبرالي یركز على الفرد وحریتھ بوصفھما معطى اولي غیر قابل للانتقاص حیث تنطلق اللیبرالیة من تصور للعالم یقوم على افراد احرار متساوون بمعزل عن القیم التي یحملونھا ویسعون لتحقیق مصالحھم وذواتھم وتقریر شكل حیاتھم، ولھذا تؤكد اللیبرالیة الفصل بین المجال العام للدولة والمجال الخاص للأفراد حیث تعول على فردیة الشخص نفسھ لتحقیق الخیر العام وھكذا یصبح البرلمان سوقاً .لتنافس الافكار وإذا كانت السیاسة ھي بناء «النحن» اي المجتمع العام فإن العجز الذي تعانیھ اللیبرالیة ھو عدم إستیعات السیاسة فالدیمقراطیة اللیبرالیة لم .تستقر الا عندما فصلت بین مجالات الوجود الانساني المختلفة وإحالة الجوانب الاقتصادیة والدینیة والاخلاقیة إلى الحیز الخاص إن ما جعل الدیمقراطیة البرلمانیة واقعاً ممكناً ھو ھیمنة فكر الفرد الحر بوصفھا معیاراً ثقافیاً عاماً للجمیع. ھذا الاجماع لم یتحقق عبر .الحوار العقلاني بل عبر السیاسات وعبر الدولة إن الامة من العناصر السیاسیة التي ھیمنت بفضل الدولة ولذلك حافظت الدیمقراطیة اللیبرالیة على إستقرارھا وإستمرارھا بقدر نجاح الدولة بتحقیق ھیمنة خطاب ثقافي ووعي قومي مشترك من دون ان تتعرض للتحدي من قبل النخب السیاسیة. ھذا الوعي على اللیبرالیة یجب ان یكون مفھوماً لدى السیاسیین والاكادمیین وكل من یتحدث بالسیاسة فما من لقاء او محاضرة او ندوة إلا ویھاجمون اما الدیمقراطیة .أو اللیبرالیة ویصفون اللیبرالیة بالمتوحشة وھي لغة العالم المعاصر