ما بعد سقوط القناع الأمريكي...

اخبار البلد - دينا الزيتاوي


هل حكومة الرئيس الامريكي ترامب هي الاكثر قسوة على الشعب الفلسطيني أم الاكثر صدقا مع نفسها؟ فمنذ تولي ترامب مقاليد السلطة في الولايات المتحدة قام بالعديد من الخطوات السريعة زمنيا و المتتالية المتعلقة بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية، أذكر منها اسقاط التزام واشنطن بحل الدولتين في فبراير 2017، تعيين المتشدد ديفيد فريدمان سفيرا امريكيا لدى اسرائيل في مارس 2017، و فاجعة نقل السفارة من تل ابيب الى القدس في ديسمبر 2017، و من ثم قطع المساهمة المالية للأونروا في اغسطس 2018، و أخيرا وليس اخرا اغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن في سبتمبر 2018. ردا على التعنت الاخير من جانب الولايات المتحدة الامريكية، قررت الحكومة الفلسطينية رفع شكوى الى محكمة الجنايات الدولية. 

وفي تصريح لجون بولتون مستشار الرئيس الامريكي للأمن القومي قال " أن الولايات المتحدة لن تسمح لمحكمة الجنايات الدولية بتنفيذ ومنع اسرائيل من حقها في الدفاع عن نفسها". بعد خمسة و عشرون عاما من ذكرى اتفاقية اوسلو تتعثر الآمال بالسلام، حين تتخلى ادارة ترامب عن الادعاء كونها وسيطا فعالا في المحادثات بين الطرفين الفلسطيني و الاسرائيلي. و تترك المجال مفتوحا لإسرائيل للتمادي في العنف، وكأن الوضع كان يميل سابقا للتعادل في القوى بين الطرفين الفلسطيني و الاسرائيلي. 

 حكومة ترامب تقول بأن سحب ملف القدس من طاولة المفاوضات قد يعجل من مسيرة السلام بين الطرفين ويؤجل التفاوض على نقطة الخلاف المحورية حول العاصمة. و لكن الولايات المتحدة لا تملك الحق بإغلاق ملف اللاجئين حيث ان معظمهم من الفلسطينيين أصحاب الحق في التفاوض او عدمه على هذا الملف. هذا دوليا، أما على الارض في الولايات المتحدة الامريكية فالشعب مشطور بين جمهوري اعجبته فكرة التخلص من دفع قيمة المساعدات للعرب، و ديموقراطي يحمل الكثير من التساؤلات حول نزاهة حكومة نتنياهو الاسرائيلية، و مازال متأثرا بفكر كلنتون راعي عملية السلام. 

محاولات ترامب لإعادة عقارب الساعة خمسة و عشرون عاما الى الوراء لم يعد مقبولا على الارض حيث ترسخت فكرة اعتراف كلا الطرفين الفلسطيني و الاسرائيلي ببعضهما امام الشعب الأمريكي، و زاد الطين بلة تورط نتنياهو و عقيلته بتهم فساد قد لا يسعفه الوقت التخلص منها قبل موعد الانتخابات الاسرائيلية المقبلة. يقول البعض أن فوز مرشحة الكونغرس من أصول فلسطينية رشيدة طليب يعكس توجه الشارع الداخلي الامريكي نحو مجابهة حاسمة لترامب في قراراته بشان الطرف الفلسطيني، لكن واقع القوة و الهيمنة في تغريدات ترامب دائما ما تعطي الانطباع المناوئ. 

 أزمة العلاقة بين الحكومة الامريكية الحالية و السلطة الفلسطينية أظهرت جليا الضعف في السلطة الفلسطينية و الحاجة الماسة الى تغييرها و بشكل فوري لإتاحة الفرصة لفريق جديد قادر على مجابهة التهاون الامريكي بالطرف الفلسطيني. السناريوهات مطروحة على الارض داخليا في الاراضي الامريكية عن طريق الوقفات التضامنية ضد تغريدات ترامب التي يتأثر بها الاغلبية من الاصول الاسيوية و العربية و الهاجرين الأفارقة. 

هذا بالإضافة الى الكثير من الاموال التي بدأت بالانسحاب من الاسواق الامريكية و التي تشكل فرقا بالنسبة للرئيس الامريكي ترامب الذي يتعامل بلغة الارقام طوال الوقت. أضف على ذلك التعزيزات القطرية العلنية لقطاع غزة الذي ينذر بتغيير ديموغرافي قريب في الاراضي الفلسطينية قد يتحول الى حلول لتشكيل توافق و تحالفات في سلطة فلسطينية جديدة.