..ذاكرة جمیلة ولیل موحش

 یوم أمس،تساقطت اوراق اضافیة من رزنامة العمر، اختلطت باوراق خریفیة ھجرت أغصانھا لتفترش الارض تحت سیقان الأشجار العاریة المغسولة بالمطر الأول. ھذه المناسبة اعادت الذاكرة الى اول العمر في ثنائیة جمیلة جمعت الطفولة بسن الحكمة، ّ ولمت الشمل بین عاطفة .القلب وصواب العقل اضأت شمعة واحدة على وقع أھازیج العواطف المرتجفة، أردت تحویل الوھم الى واقع كي أملك القدرة على متابعة المسیر نحو المصیر دون خوف أو تردد باتجاه النھایات الحزینة. في مثل ھذا الوقت من العمر الخریفي وحدھا الذاكرة الجمیلة تخرجنا من وحدة الذات في اللیل الموحش، ونقبل على الحیاة بشغف ونعتقد أننا ما زلنا بذات الروح القادرة، بوردة أوعلى جناحي فراشة، .الوصول الى القمر، أو الى قلب محب في ھذا الیوم نھمس یا وحدنا، ونعود الى بدایة النشید، نعیش ثنائیة اللقاء الأول والانطباع الأول، یا وحدنا، اولادنا علّقوا المفاتیح خلف الباب، وتركوا لنا صورھم وطفولتھم معلقة على الجدران، تزین الدار بلون الذكریات الجمیلة، وعناق الطفولة، ھي حتمیة فرضتھا طبیعة .الحیاة، لا مفر منھا، ولا یخرجنا من قیدھا سوى فرحة نجاحھم وخطاھم الثابتة نحو المستقبل، الذي ھو لھم وملكھم فصل الخریف اعطى العمر نكھة خاصة، واعاد للطبیعة لونھا، وحشرني في مساحة زمنیة مقیدة بخیارین لا ثالث لھما، اما أن أھرب الى الماضي واحتمي ببراءة الطفولة الوھم، واجتر ذكریاتھا، واكرر الحدیث عن تجربة جیل تألب على نار الأمل بانسانیة مقھورة، أو اعترف .بالواقع واتقدم نحو ما تبقى من المشوار بشجاعة منحازة الى جمالیات الحیاة في النھایة اخترت، ومشیت على الطریق الذي یعشق الحیاة ویبجلھا، فانا أكتب، والكتابة تمنح القدرة والأمل، كذلك أكتب لأثبت أنني ّ حي. صحیح أنني تعبت من رفقة الكلمات بلا انقطاع، ولكن ما زلت قادرا على البقاء والدھشة والكتابة والوصول الى وعي الناس حتى آخر .دقیقة من الزمن، وبلا ندم، لأن حیاتي واضحة خالیة من أي التباس أو غموض، ولیس فیھا متسع للكراھیة والحقد والحسد في ھذه العمر الناضج، تزداد اللھفة وینبت الشغف أكثر، فیستمیلك كل ما ھو جمیل في ھذه الدنیا، یخطفك حب الورد بخفة الندى، وفي الصباح یأسرك صوت فیروز مع قھوة الصباح، وفي منتصف اللیل یصاحبك صوت ام كلثوم الى غرفة نومك حتى یداعبك النعاس والحب .والحنین لا اسمح أن یحاصرني الضجر، فانا من جیل ولد من رحم رصاصة وتسلّح بالأمل الذي كان أھم اسلحة الأسكندر المقدوني في فتوحاتھ، ھذا الأمل نعید انتاجھ باستمرارایمانا بمستقبل افضل لامتنا، یتجدد بولادة كل طفل عربي جدید یطل على الحیاة مع اطلالة شمس كل یوم آخر، وسیبقى الأمل معنا، لأن لدینا قضایانا في وقت لا یتجدد فیھ الزمن لا یتجدد او یتلاشى أو یعود الى الوراء، وبالتالي نحن نرحل ولكن .الأجیال الشابة لا تنسى