الصندوقُ الأسود
سَقَطتْ الطائرةُ وماتَ الشُّهود،
ولَم يبقَ مُحَدِّثٌ لما حَدَث، فبدأ البحثُ عَنْ صندوقٍ صغيرٍ يَكشفُ أسرارًا لَطالما كانَتْ خَفِيّة.
لكلٍّ منّا سرٌّ دفينٌ، رافقَهُ حتى طفولتِهِ منذُ نعومةِ أظافره، وكانَ لهُ تأثيرهُ على مسيرةِ حياته،
فتَلوّنتْ قلوبٌ بينَ البَياضِ والسّواد، ومنذُ نشأةِ الانسانِ وُلدَ معهُ صندوقٌ أسودٌ يُسجَّلُ ما دارَ أثناء رحلةِ حياتِه،
فَلِلإنسانِ حقيقةٌ ستَظهرُ بِظهوره، وتَتكشفُ مهما بَدا لَهُ أنّهُ قد أحكَمَ قبضةَ إخْفاءَها.
فكَمْ مِنْ جميلةٍ آتاها الله قدرًا واسعًا من الجمالِ أنْفَقَتْ عَليهِ الكثيرَ لِتَنالَ إعجابَ مرآتِها رَفيقةَ هَوسِها، فَنادى مُنادٍ: أَنا صُندوقها الأسود؛ دميمَةٌ قلبُها حالكُ الظُّلمةِ، مُتآكلٌ بِمَعاوِلِ الحقدِ والحسدِ والغيرةِ..
وكَمْ مِن صاحبِ مَنصبٍ! سعى عَرشًا، ورشى عُقولًا ساذَجةً أَتْقَنَتْ فَنّ التَّسحيج؛ فكانَتْ بائِسةً يائِسةً من حقوقها مجردة، لِحينِ سقوطِ ذاكَ المُتَجَبّرِ الظّالِم، ثُمَّ نَجدُ صندوقًا أسودًا، يَكْشِفُ لنا حقائقًا وأسرارًا وأحقادًا دَفينة، كم وكم وكم..!
عزيزي، ماذا أعْددتَ لتلكَ اللحظة ؟!
وماذا سجّلَ صندوقكَ أثناء تلك الرحلة ؟!
هل سيَعتَريكَ الخوفُ والقلقُ من ظهورِه؟!
هل سيُعرّيكَ أمامَ نفسِك وغيرِك ؟!
أم أنك بنفسِك فخورٌ ولا شيئَ يقلقُك البتة..!!
نسرين الفقيه
nesreenalfqeeh@gmail.com