الملك يأمل بتحول الحراك الشعبي لعمل مؤسسي ومشاركة في التشريع وتشكيل الحكومات

تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم الأحد التوصيات المتعلقة بالتعديلات المقترحة على الدستور التي وضعتها اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور التي شكلها جلالته في شهر نيسان الماضي.
وقال جلالته في كلمة له بهذه المناسبة "نقدم اليوم لشعبنا العزيز، ولأجيال الحاضر والمستقبل هذه المراجعات والتعديلات التاريخية التي تعكس مستوى النضوج السياسي والقانوني الذي وصل إليه الأردنيون، وهم على أبواب مئوية دولتهم، التي تأسست على قواعد الحرية والوحـدة والمساواة".
وأكد جلالته في كلمته التي ألقاها في باحة قصر رغدان العامر، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد وعدد من أصحاب السمو الأمراء، ورؤساء وأعضاء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، والهيئات الدبلوماسية، وفعاليات سياسية ونقابية وحزبية وإعلامية، أن التوصيات خير دليل على قدرة الأردن على تجديد حياته وتشريعاته، والسير نحو المستقبل برؤية إصلاحية اجتماعية وسياسيـة تقوم على ركنٍ أساسي يتمثل بمشاركة شعبية أوسع، وفصلٍ بين سلطات الدولة.
كما أكد جلالته أن الأولوية التشريعية في هذه المرحلة الوطنية تتمثل في إنجاز التعديلات الدستورية المطروحة ، ضمن قنوات تعديل النصوص الدستورية، وفي إطارٍ زمني لا يتجاوز الشهر بما يعطي للسلطة التشريعية القدرة على الانتقال إلى دراسة وإقرار التشريعات السياسية المتمثلـة في قانون الأحزاب وقانون الانتخاب.
وشدد جلالته على ضرورة انجاز خارطـة الإصلاح السياسي ضمن إطارٍ زمني يحترم مؤسسية العمل، والقنوات الدستورية القائمة، وبما لا يتجاوز الربع الأخير من هذا العام.
ودعا جلالته كل القوى والمؤسسات الحزبية والنقابية والشعبية المشاركة في المسيرة الإصلاحية، والاستثمار فيها، وتحويلها إلى برامج عمل، مؤكدا أنه وبعد إنجاز قانون البلديات، من الضروري إجراء الانتخابات البلدية في أسرع وقت ممكن.
وأعرب جلالته عن أمله في أن يتحول الحراك الشعبي الوطني إلى عمل مؤسسي ومشاركة شعبية فاعلة في التشريع وتشكيل الحكومات حتى "نخرج من دائرة رفع الشعارات إلى توفير القنوات لممارستها باعتبارها حزبية أو نقابية أو شبابية، وفي إطار عملية سياسية مؤسسية تحترم تداول الحكومات، من خلال حكومات برلمانية، وعبر عمليـه انتخابيه عصريـة على أساس أحزاب ذات برامج وطنية".
وفيما يلي نص كلمة جلالة الملك:
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة أعضاء اللجنـة الملكية لمراجعة الدستور،
الحضور الكرام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وكل عام وأنتم بخير،
والسلام على أرواح الأردنيين الأطهار، وعلى روح أب الدستور، الملك طلال بن عبدالله، طيب الله ثراه، الذين صاغوا دستورنا العظيم.
وبعد، فإن المعروض أمامكم اليوم من توصيات حول نصوص دستورنا هو خير دليل على قدرة الأردن على تجديد حياته وتشريعاته، والسير نحو المستقبل برؤية إصلاحية اجتماعية وسياسيـة تقوم على ركنٍ أساسي يتمثل بمشاركة شعبية أوسع، وفصلٍ بين سلطات الدولة، وتحديدٍ واضح لمسؤوليات كلٍ من هذه السلطات، تجسيداً للنهج الهاشمي والـحكم الرشيد في إدارة الدولة. فكل الشكر والتقدير لرئيس وأعضاء اللجنة الكريمة التي قامت بالمراجعات الدستورية، وقدمت توصياتها حول ذلك.

ولا بد هنا من الإشارة إلى جملة من الأفكار والمقترحات التي قامت بها هـذه اللجنة الكريمة صاحبة الثقة والخبـرة. فالتعديلات المقترحة تحفـظ وتعـزز التوازن بين السلطات عبر آلياتٍ دستوريةٍ فاعلة.
ولأننا مؤمنون بحماية الدستور، الذي أقسمنا على الـحفاظ عليه، فقد كان من أبرز هذه المقترحات إنشاء محكمةٍ دستورية تبت في دستورية القوانين، وترسخ دور القضاء باعتباره الفيصل الذي يحمي دستورية التشريع.

ولا بد أيضاً من الوقوف على شكل العلاقة الجديد بين الحكومات ومجلس النواب، وفق المقترحات التي تعزز التوازن بين الحكومة والمجلس عبر ربط حل مجلس النواب باستقالة الحكومة فوراً. ووقف إصدار القوانين المؤقتة، إلا في حالات الحرب والكوارث الطبيعية والنفقات الماليـة التي لا تحتمل التأجيل، بالإضافة إلى تولي هيئة وطنيـة مستقلة إدارة الانتخابات. أما سلطة النظر في الطعون النيابيـة، ومحاكمة الوزراء فهي محصورة بالقضاء.
أما الاقتراح الذي يجسد دور الشباب في الحياة السياسية والنيابية، فهو خفض سن الترشح للنيابة إلى 25 عاماً. وجعل العمل الحزبي والنشاط النقابي مكوناتٍ أساسية في ثقافتنا الوطنية والسياسية. ففي ظل هذا الفضاء الدستوري الرحب، نأمل أن يتحول الحراك الشعبي الوطني، بإذن الله، إلى عمل مؤسسي ومشاركة شعبية فاعلة في التشريع وتشكيل الحكومات حتى نخرج من دائرة رفع الشعارات إلى توفير القنوات لممارستها باعتبارها حزبية أو نقابية أو شبابية، وفي إطار عملية سياسية مؤسسية تحترم تداول الحكومات، من خلال حكومات برلمانية، وعبر عمليـه انتخابيه عصريـة على أساس أحزاب ذات برامج وطنية.
ولا بد من التأكيد هنا على أن مساعينا الحثيثة لترسيخ التوازن والعدالة بين السلطات مرهونة بالمبادرة الشعبية للمشاركة في الأحزاب التي تعبر عن ذاتها وسياساتها في صناديق الاقتراع، وهذه هي ركائز الديمقراطيات النيابية.
ومع إنجاز هذه الخطوة، يجب التأكيد على خارطـة الإصلاح السياسي، التـي سنحرص على إنجازها ضمن إطارٍ زمني يحترم مؤسسية العمل، والقنوات الدستورية القائمة، وبما لا يتجاوز الربع الأخير من هذا العام.
فالأولوية التشريعية في هذه المرحلة الوطنية هي إنجاز التعديلات الدستورية المطروحة أمامكم اليوم، ضمن قنوات تعديل النصوص الدستورية، وفي إطارٍ زمني نأمل أن لا يتجاوز الشهر بما يعطي للسلطة التشريعية القدرة على الانتقال إلى دراسة وإقرار التشريعات السياسية المتمثلـة في قانون الأحزاب وقانون الانتخاب، بعد أن تكون قد مرت في مراحل الإعداد والصياغة التي تعكس الإرادة الشعبية والتوافق الوطني.
ومع إنجاز هذه القوانين، بالإضافة إلى قانون البلديات وقانون نقابة المعلمين، يكون الأردن قد أنجز الجزء الأكبر من البنية التشريعية الضرورية لعمليةٍ إصلاحيةٍ مؤسسية، تضمن أداءً شعبياً وحزبياً ونقابياً ونيابياً وحكومياً يرتقي إلى مستوى الطموح الوطني.
لقد أمرت بالقيام بهذه المراجعات للنصوص الدستورية وإجراء بعض التعديلات عليها انطلاقا من مسؤوليتي وواجبي تجاه شعبي العزيز، وتلبية طموحاته، وما فيه الخير له، في الحاضر والمستقبل، والمطلوب الآن من كل القوى والمؤسسات الحزبية والنقابية والشعبية المشاركة في هذه المسيرة الإصلاحية، والاستثمار فيها، وتحويلها إلى برامج عمل. وبعد إنجاز قانون البلديات، فمن الضروري إجراء الانتخابات البلدية في أسرع وقت ممكن.
واليوم، نقدم لشعبنا العزيز، ولأجيال الحاضر والمستقبل هذه المراجعات والتعديلات التاريخية التي تعكس مستوى النضوج السياسي والقانوني الذي وصل إليه الأردنيون، وهم على أبواب مئوية دولتهم، التي تأسست على قواعد الحرية والوحـدة والمساواة.
وبعد، فهذه هي جهودكم المباركة بين إرث الأجداد والآباء، وبين تطلعات الأبناء الذين يسيرون إلى المستقبل بخطى ثابتة، لبناء الأردن الجديد المنتصر على التحديات، والذي يجسد مبادئ العدالة والمساواة، قولاً وعملاً وإنجازاً حقيقياً نفتخر به جميعاً.
وفي الختام، نتوجه إلى العلي القدير أن يحفظ بلدنا حراً وقوياً وآمناً. وأن يعطينا العزم والقوة لحماية الأردن العزيز، ملاذاً للحرية والعدالة وكرامة الإنسان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركات.

****

والقى رئيس اللجنة الملكية لمراجعة الدستور احمد اللوزي كلمة بمناسبة تقديم اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور جاء فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خاتم الأنبياء والمرسلين،
مولاي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، أيّدك الله ورعاك،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فقد قال الله العلي القدير في كتابه العزيز:
((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)) صدق الله العظيم.
سيدي المفدّى،
إنه لشرف عظيم أن تمثُل اللجنة الملكية لمراجعة تعديلات الدستور في حضرتكم في شهر رمضان المبارك، الذي عمّ نوره ورحمته أردننا الغالي وأمتنا العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، مبشراً برسالة الخير والمحبة والسلام.
وإنه ليشرفنا أن نرفع إلى مقامكم السامي أصدق المحبة وأجمل التبريك بهذا الشهر الكريم، ونحن في اللجنة الملكية المكلّفة بقينا على الدوام محاطين بثقتكم السامية وبتطلعات شعبكم الأردني النبيل. وكما وجّهتمونا في كتاب التكليف السامي بِمُهمتنا، فقد كانت غايتكم التأكيد على ترسيخ الاستقلال والتوازن بين سُلطات الدولة الثلاث، وتمكين مجلس الأمة من القيام بدوره التشريعي والرقابي بكفاءة واستقلالية واقتدار، وتكريس القضاء حَكَماً مستقلاً بين مختلف السلطات والهيئات والأطراف.
سيّدي،
إننا نثمن عالياً تشريفكم هذا الاحتفال ورعايته، بحضور سُلطات الدولة الثلاث، وحُماة الديار، أبناء جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية، ومُمثلي الشعب الأردني النبيل بكافة فعالياته وهيئاته الحزبية والنقابية ومنظماته المدنية، ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى البلاط الملكي الهاشمي، تعبيراً عن المكانة التي يُمثِّلُها الدستور في ضمير الأُمّة، فأنتم حامي الدستور وراعي مسيرة الخير والديمقراطية، ورائد التنمية والإصلاح واستشراف المستقبل.
وبِوَحيٍ من كل ذلك، فقد تضمّنت المراجعة الدستورية الشاملة التي أجريناها إضافات وتغييرات وتعديلات، ومعطيات جديدة على نصوص الدستور، ليصبح أكثر تلبية واستجابة لمسيرة التغيير والتطوُّر. جاء كل ذلك بمنهجية وعقلانية وموضوعية، بعيداً عن الانفعال باللحظة الراهنة والآراء المُسبقة واستجابةً واعيةً لمقتضيات المستقبل.
وفي ضوء ذلك، قامت اللجنة بإجراء التعديلات التي رأت أنّها أصبحت تُشَكِّل استحقاقاتً لتطوير الحياة السياسية والمسيرة الديمقراطية.
وتشمل هذه التعديلات: النصوص التي تؤكِّد على استقلال القضاء، باعتباره سُلطةً مهمتها الأساسية فَرض سيادة القانون، وتحقيق المساواة واحترام حقوق الإنسان وإحاطتها بكافّة الضمانات التي تحقّق العدالة والكرامة وتصون الحريات، وتضمن حق المواطنين في حياة كريمة آمنة ومشاركتهم في صناعة القرارات والسياسات الناظمة لمسيرة المجتمع الديمقراطي. ولتحقيق كل ذلك، فقد اشتملت التعديلات على قواعد هامّة ورئيسية منها:
إنشاء المحكمة الدستورية ضمن أفضل المعايير الدولية
إنشاء هيئة مستقلّة للإشراف على الانتخابات
محاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية
إناطة محاكمة الوزراء بالمحاكم العليا المدنية
الطعن في نتائج الانتخابات أمام القضاء المدني
تحديد صلاحيّات السلطة التنفيذية بوضع قوانين مؤقتة بثلاث حالات على سبيل الحصر كما كان عليه الحال بدستور عام 1952
ملتمسين من جلالتكم مباركتكم والتكرُّم بتوجيه ما حقّقناه إلى قنواته الدستورية، لخدمة الوطن والعرش المفدّى.
داعين الله العلي القدير أن يحفظكم ويجري الخير كلّه على يديكم.


واسمحوا لي في الختام أن أقول:
"عشتم وعاش الأردن آمناً مستقراً"


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.