«حرية الصحفيين» : استخدام «مكافحة الفساد» لتكميم الإعلام غير مقبول مهما كانت المبررات
اخبار البلد _ أعلن مركز حماية وحرية الصحفيين معارضته للتعديلات التي قدمتها الحكومة لمشروع قانون هيئة مكافحة الفساد والتي تؤثر على حرية الإعلام وخاصة المادتين 23 و 25 من مشروع القانون.
وقال المركز في مطالعة قانونية حول مشروع القانون ان قوانين مكافحة الفساد تعنى بتعزيز منظومة النزاهة والمساءلة والإدارة الرشيدة وليست مكاناً للتجريم على أفعال الذم والقدح والإساءة للسمعة التي تعاقب عليها التشريعات الجزائية مثل قانون العقوبات. واعتبرت المطالعة أن تشديد العقوبات في الجرائم التي قد تشمل وسائل الإعلام والإعلاميين فيها مخالفة دستورية من خلال مخالفة نص المادة 15 من الدستور الأردني التي نادت بحرية الصحافة والطباعة، مشيرة الى أنه «من المعروف أن نظرة الدول لحرية الصحافة ترتبط بسياستها التشريعية في التجريم والعقاب، فمتى أرادت الدولة الحد من حرية الصحافة نجدها تتوسع في دائرة التجريم والعقاب وتتشدد في إجراءات التحقيق والمحاكمة».
وأوضحت المطالعة التي أعدها مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين التابعة للمركز «ميلاد» المحامي محمد قطيشات «أن المادة (13) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أكدت أهمية احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد ونشرها وتعميمها في حين أن المادة (23) من مشروع القانون تقيد حرية التعبير والإعلام والوصول إلى المعلومات.
ونوهت المطالعة بأن مصطلح «اغتيال الشخصية» غير قانوني وغير معرف بالتشريع الأردني وهو أقرب ما يكون لمصطلح سياسي، مشيرة إلى أن هذا النص بالمادة (23) يتضارب مع نص المادة (188) في قانون العقوبات.
وبينت المطالعة أن المادة (25) من مشروع قانون هيئة مكافحة الفساد تخالف المعايير الدولية الخاصة بحماية الشهود المبلغين والخبراء في قضايا الفساد.
وقالت «إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ألقت واجب الحماية على موظفي هيئة مكافحة الفساد ولا يجوز أن يمتد هذا الأمر للإعلام من خلال عقاب مغلظ للإعلاميين ومؤسساتهم التي تعمل على ترسيخ حق الجمهور في المعرفة».
وطالبت المطالعة بتعديل نص المادة (25) لحصر واجب عدم إفشاء المعلومات بموظفي هيئة مكافحة الفساد.
وأشارت المطالعة الى وجود «تضارب» في تعريف الذم والقدح مع نص المادة 188 من قانون العقوبات، «وهذا يعني وجود نصين قانونيين يعالجان ذات الفعل، وهذا بالطبع من شأنه خلق بعض الإرباكات في التطبيقات القضائية بالإضافة إلى زيادة منسوب القيود التشريعية المفروضة على حرية الإعلام، فتتعدد بذلك القوانين التي سيحاكم عليها الصحفيين بالنتيجة».
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور «نحن مع تطوير القوانين التي تكافح الفساد على ألا تفرض قيوداً على حرية التعبير والإعلام».
وبين أن جهود مكافحة الفساد تبنى على سياسات الإفصاح والشفافية وحرية الإعلام وإشاعة حق الناس بالمعرفة والوصول للمعلومات، وبعكس ذلك فإن هذه الأهداف النبيلة تقوض ولا تحقق مبتغاها.
وأكد منصور أن الإعلام شريك رئيسي وفاعل في جهود مكافحة الفساد ومن غير المقبول أن يستخدم قانون هيئة مكافحة الفساد لتكميم الإعلام مهما كانت المبررات والذرائع. وقال منصور «إن حق الإعلام بالنشر وحق المواطنين بالمعرفة حقوق أجدر بالرعاية ولا يجوز التفريط بها تحت ذريعة حماية الشهود، وهذه المسؤولية منحصرة بهيئة مكافحة الفساد، فالإعلام لا يعرف بالأساس من هو الشاهد المحمي أو غيره حتى يعاقب على النشر»، مشيراً إلى أن خطورة هذه التعديلات أيضاً أنها تعيد تأكيد عقوبة السجن التي ناضل الصحفيون لعقود في محاولات لإلغائها.