لجنة التحقيق النيابية تعثر على «كبشها السمين»



كان تقرير لجنة التحقيق النيابية بحادثة البحر الميت مفككا وضعيف الصياغة بشكل لافت، وأشبه بعملية تجميع لما نشر في الصحف ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولم تأت اللجنة التي عملت لأكثر من 50 ساعة بجديد، وإنما قالت لنا ما نعرفه جميعا، ووجهت أصابع المسؤولية إلى الأطراف الرئيسية في القضية دون أن تمس الحكومة وأجهزتها ووزراءها بأي سوء.
وعلى عكس ما قاله رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بأن الحكومة لا تبحث عن كبش فداء، فقد وجدت لجنة التحقيق النيابية «كبشها السمين» في الحلقة الأضعف وهي مديرية التربية والتعليم للواء الجامعة، وتحديدا الشؤون الفنية والتعليمية، وأوصت بإجراءات قانونية وتأديبية بحق مديرية الشؤون الفنية والتعليمية للواء الجامعة.
حتى المدرسة التي خالفت جميع تعليمات الرحلات، والشركة غير المرخصة التي أشرفت على «رحلة الموت»، وجميع الأجهزة والوزارات التي كان أداؤها كارثيا يوم «الخميس الأسود» من حكام إداريين ومحافظين ودفاع مدني وأمن عام ووزارات الأشغال والسياحة والتربية والصحة، لم يطالب التقرير إجراء قانوني أو تأديبي بحقها، فهناك ضحايا من غير طلاب المدرسة والمعلمات، من يتحمل مسؤوليتهم!
وأمعنت اللجنة الموقرة في تقريرها غير المهني والذي كتب على عجل، في تحويل الأنظار عن الحكومة ووجهت أصابع الاتهام إلى أطراف أخرى، تتحمل بالطبع المسؤولية الأخلاقية، فهي حملت وزيري التربية والسياحة المسؤولية السياسية والأدبية لحادثة البحر الميت، لكن دون أي ذكر للمسؤولية القانونية.
هذا الإجراء المدروس من قبل مجلس النواب، يمنع النيابة العامة من التحقيق مع وزيري التربية والتعليم والسياحة المستقيلين لعدم إحالتهما من قبل مجلس النواب للنيابة وفق أحكام الدستور.
وبالتالي تحولوا من متهمين إلى شهود، فالنيابة لا تستطيع سماع الوزراء إلا كشهود فقط، وتنص المادة 56 من الدستور الأردني على أن «لمجلس النواب حق إحالة الوزراء إلى النيابة العامة مع إبداء الأسباب المبررة لذلك ولا يصدر قرار الإحالة إلا بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب».
ويحيل مجلس النواب الوزراء للنيابة العامة وفقا لأدلة دامغة، وبعدها يفتح الباب للنيابة العامة للتحقيق، وطالما لم يحل مجلس النواب الوزراء للنيابة فلا تملك التحقيق معهما من تلقاء نفسها.
ووفقا لحقوقيين فإن المسؤولية الأدبية والأخلاقية التي حملها المجلس لوزيري التربية والسياحة لا تعني المسؤولية القانونية، وهي بذلك لا ترتب مساءلتهم قانونيا أو إحالتهم للقضاء، إنما فقط تقتصر على مغادرتهما موقعهما الوظيفي كوزراء.
بالطبع بعد أن وجدت اللجنة النيابية «كبشها» أوصت بإعادة تدريس مادة علوم الأرض للمدارس والتي تدرسها وزارة التربية حاليا في جميع مراحلها التعليمية.. وعظم الله أجركم.