تخفيض نفقات الجامعات بالاستفادة من المؤهلات الجامعية للموظفين الإداريين في مجال التدريس الجامعي
إنّ الجامعات كصرح علمي متميّز يجب أن تعمل على تشجيع العاملين لديها على الحصول على مؤهلات علمية جديدة أعلى من المؤهلات التي تمّ تعيينهم على أساسها ممّا ينعكس على تقدّم الجامعات وازدهارها كما أرادها الهاشمي القائد باني الأردن الحديث الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يحفظه الله ويرعاه، ولكن ما يحدث عملياً في كثيراً من الجامعات (مع الاحترام) هو عدم الاكتراث بحصول العاملين من أعضاء الهيئة الإدارية (الموظفين) بهذه المؤهلات العلمية الجديدة، ومع ذلك فبعض الأنظمة الوظيفية للجامعات الأردنية الرسمية ما زالت أنظمتها الوظيفية تمنعهم من مواصلة الدراسة إلا بموافقتها حتى ولو كانت خارج أوقات الدوام الرسمي، والأكثر من ذلك هو عدم إشراكهم في دورات تدريبية أو دورات متخصصة أو قانونية لرفع كفاءتهم في العمل.
وقد يحدث أن يحصل عضو من الهيئة الإداريّة (الموظَّف) على مؤهل علمي جديد أعلى في الدراسات العليا (شهادة الماجستير أو الدكتوراه)، وتعلن الجامعة عن حاجتها إلى أعضاء هيئة تدريسية من حملة تلك المؤهلات، فتفضل كثيراً من الجامعات ابتعاث الطلبة إلى خارج الأردن بدلاً من تحويل عضو من الهيئة الإداريّة (الموظَّف) إلى عضو هيئة تدريسية بموجب إعلان داخلي، وهنا تهدر أموال الجامعات بحجة أنّ خريج الجامعات الأجنبية سيكون أكثر كفاءة من خريج الجامعات الأردنية، بل وامتدت هذه التفرقة لتصل إلى التفرقة بين خريجي الجامعات الرسمية والخاصة دون وجه حق، والأصل هنا عدم ابتعاث أي طالب إلى خارج الأردن إلا في تخصصات لا تمنح الجامعات الأردنية فيها درجات علمية في الدراسات العليا (شهادة الماجستير أو الدكتوراه)، وفي حالة عدم وجود عضو الهيئة الإداريّة (الموظَّف) يحمل هذه الدرجة العلمية المطلوبة، وكذلك عدم الابتعاث خارج الأردن لأي طالب ما دام هناك أردني يحمل هذه الدرجة العلمية المطلوبة.
ولكن الأفضل من وجهة نظري هو أن يتم تحويل عضو الهيئة الإداريّة (الموظَّف) الحاصل على مؤهل علمي جديد أعلى في الدراسات العليا (شهادة الماجستير أو الدكتوراه) إلى عضو هيئة تدريسية، ويُقبل لهذا العمل ودون مطالبته بتقديم استقالته من الجامعة كعضو الهيئة الإداريّة (الموظَّف) ومن ثمّ تعيينه كعضو هيئة تدريسية أو محاضر متفرغ أو غير متفرغ حسبما ترى الجامعات، ممّا يؤدي إلى ضياع كثير من الحقوق المالية، كحقوقه في صندوق مكافأة نهاية الخدمة والادخار وغيرها، وكأنه كان يتوجب معاقبة عضو الهيئة الإداريّة (الموظَّف) على حصوله على مؤهل علمي جديد أعلى في الدراسات العليا (شهادة الماجستير أو الدكتوراه) بدلاً من مكافأته على ذلك، والدليل على عدم صحة الاشتراط عليه بتقديم استقالته هو أنَّ هذا الشخص هو موظَّف خاضع لنظام الموظَّفين في الجامعات الأردنيّة الحالي، ووفقاً للمادة (64) من نظام الموظَّفين في الجامعة الأردنيّة لا تنتهي خدمته من الجامعة، وليس عليه أن يقدم استقالته من الجامعة. وما يحدث في كثير من الجامعات من أن يُطلب منه تقديم استقالته من عمله الإداري، والتقدُّم بطلبٍ جديد لتعيينه عضواً في هيئة التدريس بالجامعة نفسها هو أمرٌ غير قانوني، لأنَّ نظام الموظَّفين لم ينص على ذلك، فينبغي على الجامعة أن تقوم بتحويله من عضو في هيئتها الإداريّة (موظَّف) إلى عضو في هيئتها التدريسية، وهذا ما حدث في إحدى الجامعات؛ حيثُ كان أحد العاملين من أعضاء الهيئة الإداريّة (موظَّف) يشغل وظيفة مدير دائرة، وقد حصل على درجة الدكتوراه، وطُلب تخصصه كعضو هيئة تدريسية، وقبل للعمل في التدريس الجامعي، فطالب الجامعة بضرورة عدم إلزامه بتقديم استقالته من العمل الإداري، واستجابت له تلك الجامعة، وحولته إلى عضو هيئة تدريس مباشرة. وتظهر أهمية ذلك في احتساب الحقوق الماليّة للموظَّف كخدمة مستمرة، فإذا قدَّم الاستقالة من العمل الإداري، فإنَّ مكافأة نهاية الخدمة والادخار يبدأ احتسابها من جديد، ويفقد كثيراً من حقوقه فيها.
إنَّ ما أتحدث عنه هو الانتقال من نظام إلى نظام، أي حالة الانتقال من نظام الموظَّفين إلى نظام الهيئة التدريسية، ولا أتحدث عن التكليف الذي يحق لرئيس الجامعة إصداره استناداً إلى نص المادة (12) من نظام الرواتب والعلاوات للعاملين في الجامعات الأردنيّة،حيثُ يجوز لرئيس الجامعة تكليف أي من أعضاء الهيئة الإداريّة (الموظَّف) والتدريسية بأي عمل أثناء الدوام الرسمي أو بعد الانتهاء منه أو خلال أيام الإجازة التي يستحقها، ويتمَّ التكليف مقابل مكافأة مالية، كما يمكن لرئيس الجامعة تكليف أي من أعضاء الهيئة الإداريّة (الموظَّف) بتدريس مادة أو أكثر، إلاَّ أنَّ ذلك لا يعني أنَّه عضو هيئة تدريس، لأنَّه لا ينطبق عليه نظام هيئة التدريس في الجامعة، ولا يُعَدّ في مثل هذه الحالة المؤقَّتة من عداد أعضاء الهيئة التدريسية فعلاً.
وأخيراً، فإنَّ الحالة المعكوسة، وهي الحالة التي ينتقل فيها عضو هيئة التدريس من نظام الهيئة التدريسية في الجامعة الأردنيّة إلى نظام الموظَّفين، هي حالة غير متصورة، لعدم إمكانية وقوعها من الناحية العملية، كما أنَّه لم يصل إلى علمي مثل هذا الانتقال لكي أتعرَّض له في هذا المجال.
إن ما ذكرته سابقاً يأتي حرصاً على تقدم الجامعات ومواردها واستقرارها وعدم إهدار أموالها، فهذه الملاحظات ذكرتها لمصلحة هذا الوطن الذي يعتز أبناؤه بقيادته الهاشمية الحكمية، ونضع هذه الملاحظات أمام رؤساء الجامعات الأردنية الرسمية للأخذ بها من أجل النهوض بالتعليم العالي وتصحيح مسيرته في أردن الخير الهاشمي.
محمد "الشيخ ذيب" – جامعة مؤتة
ماجستير قانون/ الوظيفة العامة