عندما كان المجتمع منفتحًا كانت الأخلاق في أمان (1)


لن نتوقف عن ادانة السلوك الشاذ المنحرف. والإعلان عن تقززنا منه. ولن نتوقف عن ادانة التضييق والإرهاب الفكري، والدفع باتجاه التشدد والقسوة، بحجة مكافحة الرذيلة.
فالشعب الأردني، كل الشعب الأردني العظيم -ولا نقيس على الهوام- ينبذ الرذيلة والفسق والفجور. لكننا لا ننسى أن بين ظهرانينا من اطلق على «مهرجان جرش للثقافة والفنون» القابا مثل: الفسق والانحلال والفجور والمجون. ووصم المهرجان بأنه «يتنافى مع قيم المجتمع الأردني» !! رغم ان القيم الإنسانية الأممية محددة بقاعدة «تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك».
ساحبين بذلك تعريفهم المتشدد الخاص للفضيلة والرذيلة على الجميع.
فبحجة ضبط الشذوذ، تم مؤخرا التوسع في التدخل والمنع، المحق وغير المحق، استجابة لتحريض من نواب محافظين، لهم توصيفهم الخاص، الذي لا نتفق معهم ولا يتفقون معنا في اكثر ما يجوز و ما لا يجوز.
وقد بلغ التلفيق مداه ان تم الزج بصور مقززة من حفل بأميركا والزعم بأنها في الأردن.
ومعلوم انه لولا مقاومة المثقفين التقدميين، لظواهر العنف والغلو والتطرف، في المجتمع، لأغلق المغالون أبواب المجتمع ونوافذه، وافواه أبنائه وعيونهم، ولأسدلوا السواد على الفن والشعر والموسيقى والغناء والفرح والتطور والتقدم والبحث والإجتهاد والتعددية السياسية والديمقراطية والنقد والتفكير العلمي وحرية التعبير والرأي الآخر وحقوق النساء وحرياتهن.
المثقفون الوطنيون التقدميون، نساء ورجالا، كانوا في طليعة أبناء المجتمع المناضلين من أجل الحفاظ على الأخلاق والقيم والجمال والخير والنبل والحق والاعتدال واليسر والمحبة والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية وأسلوب العيش الأردني بالموعظة الحسنة، لا بالتأليب والتحريض.
ولولا المثقفين الوطنيين، لتفشى الخوف والرعب والتخلف والغلو. ولتضعضع النظام العام والنظام السياسي. ولتأثر الكيان الأردني كثيرا، ولتحولنا الى دولة جهل وخزعبلات وقمع والى دولة مارقة غارقة في الأبيض والأسود.
حمت أقلام الكتاب والصحافيين والمثقفين ومواقفهم، والأحزاب التقدمية والقومية والوطنية، ونظامنا السياسي الحداثي المعلن، والموقف الحكومي الحازم، حمت الذائقة الثقافية وحرية الاجتماع والاحتفال والفن والمسرح والأغنية والمسلسل التلفزيوني والتأليف والحريات العامة والحريات الشخصية، من التغول والتطاول والحجر والمنع والحجب والحرمان.
لم تهبط الأخلاق في ظل الإنفتاح والحريات الشخصية والعامة والفن والموسيقى والتمثيل والنحت والرسم والغناء، كما انحدرت في زمن الحجر والحجب والمنع والإرعاب وتخويف المجتمع على دينهم، الذي نفتخر ان بلادنا تشكل أفضل بلاد الله لوسطيته ويسره وسلامته وتقدمه.
لم يهبط ابدا منسوب الأخلاق في الاردن. في ظل الانفتاح والحرية. ولا انحدرت قيم المجتمع. ولا دخلنا حقبة التطاول على المعلمين وضربهم. ولا التنمر على حكام كرة القدم. ولا التجاسر على رؤساء الجامعات والاطباء والممرضين. ولا الإساءة الى رجال السير والأمن العام. ولا اطلاق النار على مكافحي المخدرات والمهربات.