من وحي مقالة الملك جينات البقاء



لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح – حديث
في مقالة جلالة الملك التي نشرت الأسبوع الماضي تطرق الملك إلى أن الأكاذيب والشعارات الفارغة والبطولات قد ولّدت السلبية والشعور بالإحباط.
التشاؤم هو المسيطر، وكيف أتفاءل في عصر الرعب هذا!
ستضع يدك على خدك بانتظار المصيبة القادمة!
ولكن الحقيقة هي أننا نزرع أكثر مما نأكل، والطب والعلاج تقدما، والإنسان يعيش بصحة أفضل عمرا أطول، والبشرية أغنى بمائة مرة مما كانت عليه قبل مائتي عام، والفقر المدقع قد انخفض إلى أقل من %10 بعد أن كان %40 عام 1980، الحروب في أقل معدلاتها منذ التاريخ المسجل.
هذه كانت حقائق، وسأضيف إليها حقائق أخرى ماثلة للعيان في وطننا الأغلى، فنحن نستهلك أكثر مما كان يستهلك أجدادنا، وحياتنا أسهل، والانترنت بوابتنا على العالم، وهنالك تطور في عمل مؤسساتنا، ولدينا قدر لا بأس به من حرية التعبير، وأولادنا يذهبون ويجيئون ونحن مطمئنون عليهم.
وهذه كانت أيضا حقائق، فكر بها بمنطيقة وتجرد من العاطفة والأحكام المسبقة!
علماء النفس يجمعون على أن الإنسان بطبعه متشائم مما يولد الخوف، وهذه جينات ورثناها عن أجدادنا الأوائل حيث كان الخوف نابعا من غريزة البقاء، فالخوف والتشاؤم هو الذي حماهم عبر سنوات البشرية الطويلة.
وإذا كان التشاؤم جزءا من الطبيعة البشرية فما بالك بوجود إعلام حديث مبني على الشائعة والكذب والتهويل، وما بالك إذا صاحب ذلك مسؤولون سابقون ينتقدون كل مفاصل دولة.
وحتى لا أنسى فعلماء النفس يرون أن الإنسان بطبعه ميال لتصديق الأخبار السلبية أكثر كثيرا من الأخبار الإيجابية.
برأيي هنالك حالة من التشاؤم الخطر، وخطورتها تكمن في أن هنالك قناعات لدى البعض بأن الاقتصاد على حافة الانهيار، وهنالك شكوك في متانة الدولة مؤسساتها، وخوفي ينبع من أننا إذا فقدنا إيماننا بمؤسسات الدولة فسيؤدي ذلك إلى هجرها ومن ثم هدمها.
من الضروري أن نثمن إنجازاتنا، وأن نبني عليها وأن نصلحها، وأن نحافظ على مكتسباتنا.
ولا أدّعي أبدا أن كل شيء على ما يرام بل هنالك ملفات كبيرة أمامنا من إصلاحات سياسية واقتصادية وتشاركية في اتخاذ القرارات وتوازن السلطات وعلاقتنا مع الجهات المانحة وسيادة القانون والعدالة والأمن الاجتماعي.
علينا أن نسلط الضوء على قصص نجاحنا تماما كما نشير إلى مشاكلنا، فالأمور أفضل مما تبدو عليه.