!! من جرحنا.. نطل على الإصلاح

 ما حدث في البحر المیت كارثة على مستوى الوطن ، رغم ذلك لن اتبع الجموع إلى «فورة الغضب والدم»، ولن اشارك في التزاحم الاعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات الفضائیات، حیث تكال الاتھامات وتصدر الأحكام بعشوائیة غیر مسبوقة ، خصوصا أن . ّ بعض المشاركین تحول الى محققین وقضاة سبقوا اجراءات التحقیق وعدالة القانون انا لا اعرف الوزیرین الدكتور عزمي محافظة ولینا عناب ، ولا اعتقد أن العدالة تحققت باستقالتھما او اقالتھما ، لقناعتي بأن ما حدث ھو نتاج تركة كبیرة تراكمیة من الاھمال ، وتراث طویل من سوء الادارة والامعان في التقصیر ، وغیاب المتابعة والاحساس بالمسؤولیة عبر عقود .مضت ھذه الفزعة الغاضبة الناتجة عن «فورة الدم» تكون فزعة موسمیة عادة ، تحضر مع كل كارثة وتذھب مع أول ھبة ریح خریفیة ، وتعود الأمور الى وضعھا السابق، أو أسوأ بقلیل ، لذلك أرى أن الامر في ھذه المرة یحتاج الى ما ھو أكثر من اجراءات ارتجالیة ، أعني اننا نحتاج الى تفكیر جدي والى وقفة طویلة ھادئة عقلانیة ، والى وعي جمعي ، یدفعنا بالاتجاه الصحیح ویعطینا القدرة على دفع عجلة الاصلاح الاداري والسیاسي والاقتصادي والاجتماعي والاعلامي والثقافي الى الأمام ، وبشكل یمكننا من اتخاذ اجراءات اصلاحیة حقیقیة تعید الروح والقوة والھیبة الى مؤسسات الدولة ، كما تعید ثقة المواطن بھذه المؤسسات، من اجل العبور الى المستقبل الافضل للمواطن .والوطن لیس لدي الكثیر من الاوھام ، ولا ارید ان اكون واعظا ، فانا على یقین بأن لا أحد یسمع وسط ھذا الضجیج ، كما اعرف جیدا حقیقة الوضع الراھن ، خصوصا بعد تلاشي الصرخة التي حملتھا ریاح ما سمي «الربیع العربي» ، اضافة الى انتھاء الدعوة الجماھیریة الى الاصلاح في كافة البلاد العربیة ، حیث تم اختطاف الربیع في وقت مبكر ، وتكشفت لنا الأیام ما حام حولھ من شبھات تتعلق بالقوى المحركة للحراك ، وھي القوى التي حولت المعارضة السلمیة الى تنظیمات مسلحة تعمل لصالح أجندات خارجیة وتخدم مشروعا مشبوھا .ھدفھ اسقاط انظمة وتفكیك دول وتقسیم البلاد على قاعدة عرقیة وطائفیة خدمة للمصالح الأمیركیة – الصھیونیة ھذا الواقع ّ جمد النشاط الحزبي والنقابي والجماھیري ، وأوقف الحراك الشعبي ودعواتھ الاصلاحیة ، في كل البلاد العربیة ، وبتنا نشك بكل حراك أو تجمع أو تظاھرة تتحرك في الشارع ، خشیة اختراقھا واختطافھا ، وھو الواقع الذي خدم استمرار الوضع الراھن واعاد الروح للفساد المزمن ، كما ساعد في اشتداد عصا الاستبداد والحكم الفردي ، وعزز قوة القمع وحد من حریة التعبیر ، أو حتى ممارسة .اللعبة الدیمقراطیة الشكلیة ولكن ھذا لا یمنعنا من التفكیر بتحقیق الاصلاح التدریجي المدروس، لأن الاصلاح یزید من المناعة والتحصین ضد الحركات الطارئة المشبوھة، ویمنحنا واقعا أكثر استقرارا وامنا على الصعید السیاسي والاقتصادي والاجتماعي ، في ظل دولة القانون والعدالة الاجتماعیة ، وبالتالي تحسین حیاة المواطن ، خصوصا في المناطق البعیدة الأقل حظا ، وحیث تعشعش احزمة الفقر. ھذه الانجازات ھي التي تحمي .الوطن والمواطن ، وبھا نواجھ التحدیات في الداخل والخارج ، ولكن كلھا تبقى في خانة التمنیات