كما أرختهما صورة شهيرة


قال الفتى العائد من وراء الكثبان الرملية العالية، محاولاً جهده التقاط أنفاسه: إن النهر هناك.
لم يستطع أي من أعضاء القافلة التائهين في صحرائهم، بعدما نهش العطش عروقهم اليابسة، وطفقوا يستنشقون اليأس ويزفرون الأمل كأسماك على وشك لفظ أنفاسها الأخيرة، أن يصدق.. أن النهر الذي قصده الفتى، كان حقاً هناك.
k k k
علا صوت القصف، فانفجر الصغير يبكي، فطوق الكبير عنق اخيه الحبيب بيمناه، محاولا جهده أن يهدئ من روعه، ويقطف قبلة، لحظةً، قصفا معاً.. احترقاً معاً، وماتا معاً. كما ارختهما صورة شهيرة.
قال رجل إسعاف، بلهجة آمرة: افصلوهما عن بعضهما البعض، ليسهل نقلهما ودفنهما فرادى..
قال شاعر، بقي حتى اللحظة أسير الصمت: بل لا يجوز فصلهما، فهما في الاصل والموت واحد..
k k k
وعدهم ألا يقول إلا صدقاً، ويكون نهجه الإصلاح، وألا يتخذ قراراً ليس فيه مصلحتهم، ويحافظ على لقمة خبزهم، وحين استدار ومضى، مستقلاً سيارته الفارهة، تساءل رهط من الحاضرين، إن كان ظله ما يزال مكانه، ممسكًا بالميكرفون.
k k k
ذات جلسة في مقهى، بينما القوم منخرطون في نقاش، أقبل النادل حاملا صينية تربعت عليها أكواب من الشاي وفناجين القهوة.. قال وهو يوزعها على المائدة: هذه للباشا.. وهذه للمتر، وهذه للبيك.. وهذه.. عندها سقط فنجان القهوة على الارض متكسراً.
قال الباشا: سكب القهوة خير؛ لكنك عكرت علينا مناقشة تصريحات رئيس الوزراء واتخاذ موقف من الحكومة.
المتر هب بالنادل صارخاً: هل أنت مجنون..؟ الا تعلم ان بإمكاني ان اقاضيك بتهمة زعزعة الاستقرار.
لم يتأخر البيك في تحديد موقفه إذا قال مسارعاً: ليس زعزعة الاستقرار، فالحمد لله الأمور كلها مستقرة وتحت السيطرة، وإنما يكون توصيف التهمة القانوني. «دغدغة الاستقرار». ما استدعى بضع قهقهات.
أما رابعهم.. وكان لم يكنى، فاستمر بنفث دخان الارجيلة، دون ان يعتريه اهتمام.