رقابة المجلس، وتفاعل الوزراء


جرى العرف البرلماني أن يتم عقد جلسة رقابية بعد كل جلستين عمل أو جلستين تشريعيتين، وهو ما نصت عليه المادة 98 من النظام الداخلي لمجلس النواب إلا أنها أوكلت للرئيس صلاحية ما يراه مناسباً، خصوصاً في ظل الأحداث المتكررة والتي تحتاج لتعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب على الأداء الحكومي.
البرلمان الحالي والبرلمان السابع عشر حقيقةً لا يعطي الدور الرقابي حقه الكامل، ولكن يتضح في كل جلسة رقابية يعقدها مجلس النواب الرغبة الكبيرة لدى الكثير من أعضاء المجلس بالحديث وغالباً ما يرافق مداخلات ومناقشات النواب انفعالات كبيرة يغلب عليها الصوت المرتفع، وهذا قد يعود لعدة أسباب منها؛ غياب الفرصة أمام النواب للظهور أمام الإعلام للتعبير عن رأيهم، وقلة عدد الجلسات الرقابية التي يتم عقدها، قناعة جزء من النواب بأن الجلسة الرقابية سينتهي مفعولها بانتهاء الجلسة دون متابعة وأفعال لاحقة من قبل الحكومة، وفي بعض الأحيان يكون الانفعال لحظيا والدليل على ذلك أن مذكرة طرح الثقة الأخيرة وقعها 38 نائباً فقط، في حين أن أكثر من 80 نائباً تحدثوا خلال الجلستين اللتين عقدتا الأحد والثلاثاء الماضي.
إن المتتبع لأداء البرلمان، يرى أن هناك من يريد أن يضعف الدور الرقابي لمجلس النواب، ليكون المجلس هو الذي يتصدر الواجهة في المواجهة مع الشعب، وبعض النواب يكون لهم دور سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر في هذا الهدف وهو إضعاف الدور الرقابي المجلس، ولكننا يجب أن نتفق أن تطوير وتعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب من شأنه أن يكون عموداً رئيسياً في عملية الإصلاح الوطني على كافة الأصعدة وليس على الصعيد السياسي فقط.
لكن الأمر الجديد والذي ظهر مؤخراً في سلوك بعض الوزراء ولغة الجسد التي ظهرت على بعضهم خلال الجلسة التي خصصت لمناقشة أوجه القصور في حادثة البحر الميت أن بعض الوزراء لم يكن يأخذ كلام النواب على محمل الجد إذ على سبيل المثال لا الحصر، خلال تتبعي لمجريات الجلسة لم أجد إلا ثلاثة وزراء يقومون بكتابة الملاحظات عندما يتحدث النواب والأهم بأن هؤلاء الوزراء لم يكونوا الوزراء الذي عقدت الجلسة من أجلهم، وبين الفينة والأخرى يقوم الرئيس بكتابة بعض الملاحظات، إن المتتبع لـ لغة الجسد والتفاعل لدى بعض الوزراء قد يرى جزءاً من التعامل غير السوي من قبل بعض الوزراء مع النواب يصاحبه شعور التفوق وهذا قد لا بل يقود إلى شعور بعض الوزراء بالنرجسية إبان حديث النواب، وهذا من شأنه أن يشكل صدعاً حقيقياً في بنية السلطات الثلاث، لا بل قد يؤدي الى عدم الاكتراث بما يقوم به مجلس النواب، عندما يتعامل بعض موظفي السلطة التنفيذية مع ممثلي الشعب بهذه العقلية.
وختاماً؛ المطلوب اليوم من مجلس النواب أن يعزز من الدور الرقابي من خلال زيادة عدد الجلسات الرقابية ومأسسة المطالَب والتوصيات ضمن أوراق عمل على مستوى الكتل ، وعلى مجلس النواب أن يشترط على الحكومة مدداً زمنية يتم الرد عليهم بها إذا ما كانت تختص بأحداث معينة، والتأكيد على ضرورة أن تكون ردات فعل الوزراء على قدر عالٍ من المسؤولية، كما على المجلس أن يتابع ما يقدمه للحكومة وأن يطالب بتقارير دورية وختامية من الحكومة ويمكن إسقاط ذلك على دور مجلس النواب في تقرير ديوان المحاسبة!