قتل الجرحى جندية بلا شرف ولا أخلاق



بوقاحة ترتقى الى مستوى لغة قطاع الطرق والمافيات وبمفردات العنصرية والكراهية والأحقاد بما تربوا عليه قطان الذئاب المنفلته في الكيوبوتسات والمستوطنات والثكنات العسكرية كمصانع تنتج الفكر المتطرف وتعلم الإجرام والقتل دون أي اعتبار لشرف الجندية الذي تربى علية العسكر والمحاربون في الدول المتحضرة ومن غير ضمير وبلا وازع او رادع من دين أو خلق أعلن الجندي الإسرائيلي السابق انه قتل رميا بالرصاص فلسطينيا جريحا كان مستلقيا على الأرض وإنه " لا يشعر بأي ندم " في أول مقابلة معه منذ مغادرته السجن قبل ثلاثة أشهر حيث قضى ثلثي عقوبة مخففة لمدة 14 شهرا بعد إدانته بالقتل غير العمد وقد صرح اليئور عزريا لصحيفة " إسرائيل هيوم " بأنه إذا تمكن من تكرار حادث مارس عام 2016 في مدينة الخليل بالضفة الغربية فسوف يفعل نفس الشيء بالضبط لأنه كما قال كان بحاجة الى مثل هذا التصرف أي صفاقة وقذارة وحماقة وغطرسة بعد ذلك وتم تصوير عزريا وهو يطلق النار على فلسطيني مصاب مما دفع الجيش الإسرائيلي لمقاضاته قائلا إن عزريا انتهك أخلاقياته وكان الجيش الإسرائيلي برمته كان عنده ذات يوم أي ذرة من الأخلاق وزعم عزريا أن الجيش تخلى عنه ما يعكس مشاعر العديد من الإسرائيليين، خاصة اليمين القومي دافعوا عن تصرفه
لقد ارتكبت الجيش الإسرائيلي على مدى سني الاحتلال البغيض جرائم بشعة بحق المدنيين الفلسطينيين فتارة يطلق الغاز المسيل للدموع في الأماكن المغلقة أو يطلق الرصاص البلاستيكي والمطاطي والحي على المتظاهرين الفلسطينيين أو يستعمل سياسة تكسير العظام والمعاملة المهينة للمعتقلين او اغتيال الناشطين واعدان الجرحى فالعرب بحسب سياسييهم لا يفهمون سوى لغة القوة لذا استعملوا الطائرات بدون طيار والتصفيات الجسدية دون محاكمة وقتل الأسرى بالإهمال الطبي ولم يتركوا وسيلة إلا استعملوها ولكن كل ذلك لم يثني الشباب الفلسطيني عن التحدي والمواجهة والاستشهاد
ولا يكمن هنا بعجالة سرد المزيد من الحوادث المتعلقة بالقتل العمد وهي كثيرة جدا ولكن احببنا وضع هذه الحالة في مركز الضوء أمام الإسرائيليين وأمام الرأي العام في العالم كله قبل أن تكون أمام الفلسطينيين القلقين وذلك لدراسة الحالة وتداعياتها الخطرة القادمة ولكي يشكل الرأي العام بما في ذلك الرأي العام الإسرائيلي ترساً وحزام أمان للشعب الفلسطيني الذي أصبح الآن يواجه خطر القتل المباشر لاشباع غرائز الجنود الإسرائيليين ويوثقونه صوراً في هواتفهم النقالة تذكارية مع جثث الشهداء أو الجرحى ليطلعوا عليها أصدقاءهم وعائلاتهم وليتفاخروا بها ويحسبوا عدد الذين قتلوهم من الفلسطينيين وثمة أمر يثير الانتباه ويدعو إلى التأمل والتفكير هل أصبحن المجتمع الاسرائيلي أمام ظاهرة خطيرة تغزوه تتمثل في امتهان القتل والخروج على كل المقتضيات الأخلاقية والإنسانية ان وجدت أصلا بمعنى آخر هل تحول الجندي الإسرائيلي من جندي محترف كما يدعون هم تحكمه القواعد التي يمتثل لها العسكريون في كل أنحاء الأرض وفي كل الأمم والشعوب المتحضرة ليصبح جندي مجرم مدفوع بشهوة القتل الوحشي والتعطش لسفك الدماء من خلال قتل الجرحى الأحياء عن سابق قصد وإصرار وقد جرى في اكثر من مرة حوار ونقاش في اهلى مراتب القيادة العسكرية الإسرائيلية حول مشروعية المبادرة الى قتل الجرحى فتبين أن الأغلبية من الضباط الأعلى مرتبة تشد على أيدي الجنود القتلة وتؤيد صورهم التذكارية مع القتلى أو تخلق لهم مبررات واهية لمثل هذه الممارسات
مما أثار مزيد من الغضب والسخط والخوف لدى الفلسطينيين الذين يواجهون خصوم أصبحوا أكثر متعطشون ويستمتعون بقتل يشبع غرائزهم ويشيع فيهم النشوة والغرور والسعادة الغامرة ويتجاوز كل معايير الأمن ألاستباقي ليصبح أقرب إلى احتراف القتل المجرد بابشع صور العشوائية والعنصرية وهو مقدمة لحرب إبادة ضد الفلسطينيين وهنالك وحدات كوماندوز خاصة مدربة تعمل في الميدان لتصفية الجرحى والمعتقلين وكم من جريح أجهزوا عليه الجنود الإسرائيليين فيما كان الشرف العسكري يقضى بإسعافه وإنقاذه وان تنامٍ حدود البطش والجريمة وتطور عملية القصد الجرمي في تكرار اعدام الجرحى يستدعيٍ من جديد مناشد العالم للتدخل من أجل حماية الشعب الفلسطيني من الجنود القتلة الذين لا تحكمهم قوانين ناظمة ولا تقاليد عسكرية معروفة
وعلى الإسرائيليين قبل غيرهم أن يعالجوا هذه الظاهرة قبل أن تستفحل بينهم فالقتلة الذين يمتهنون القتل دون أية مسؤولية وعن عمد ودون تبصر في مواجهة الجرحى الذي يحميهم العرف وتقاليد الحروب وعلى القادة الذي شرّعوا للقتل المنفلت والخارج على الضوابط الإنسانية ألا يفرحوا به لأنهم يدفعون بالطرف الاخر الى مزيد من الانتقام والاستهداف بمثل الطريقة وأكبر حين بدفع الثمن الجنود والمستوطنين من دمائهم وحياتهم
والغريب في الامر أن الدولة الإسرائيلية التي تعتد بديمقراطيتها الزائفة وتزهو بها امام العالم وتتبجّح دائما بأنها لا تفرض عقوبة الإعدام وأنها تحترم الحق في الحياة للجميع لكن هذا الإدعاء الزائف تكذبه الأحداث التي تقع للجرحى الفلسطينيين بين فترة وأخرى حيث تستعمل سياسة التصفية الجسدية للمقاومين الفلسطينيين وتقتلهم بدم بارد
وقد كشف تقرير لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يتبع منذ وقت طويل سياسة تقضي بمنع المصابين الفلسطينيين وهم ملقون على الأرض من تلقي أي علاج أو إسعاف خلال سبع وأربعين دقيقة أما الحجة الإسرائيلية المزعومة لهذا العمل اللاإنساني فهي تخوف الجيش الإسرائيلي المدجج بأعنف أنواع الأسلحة، من قيام الفلسطيني الجريح الملقى على الأرض دون حراك بتفجير نفسه أو حزام ناسف أو استعمال أسلحة تشكل خطرا على الجيش الإسرائيلي
ورغم الشكاوى المتكررة ضد هذه السياسة العنصرية التمييزية الدموية من قبل الجيش الإسرائيلي ضد الجرحى الفلسطينيين إلا أن إسرائيل ما زالت سادرة في غيّها وتواصل منع فرق الإسعاف الفلسطينية والإسرائيلية من تقديم العلاج العاجل للجرحى الفلسطينيين إلا بعد سبعة وأربعين دقيقة يترك فيها الجريح ليواجه خطر الفناء ومن بديهي القول أن هذه الفترة ا الإسعاف لزمنية الطويلة كفيلة بالقضاء على كائن حي إن لم تقدم له الإسعافات اللازمة بل الإسعاف لزمنية الطويلة كفيلة بالقضاء على كائن حي إن لم تقدم له الإسعافات اللازمة بل العاجلة ويجب تذكير الإسرائيليين أن فرق الإسعاف الفلسطينية قدمت الإسعاف والعلاج لمستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية بسبب البعد الإنساني على الرغم من كونهم مجرمي حرب وان جميع الحجج الإسرائيلية لمنع الطواقم الطبية من إسعاف الجرحى الفلسطينيين فهي سخيفة وبعيدة كل البعد عن أية قيمة إنسانية وتخالف القواعد المستقرة في القانون الدولي الإنساني فمنذ عهد طويل استقر ان الجريح الملقى على الأرض يجب أن يعامل بمنتهى الإنسانية وتقديم له العلاج ما دام قد فقد سلاحه أو لا يستطيع استعماله أو غدا عاجزا غير قادر على الحراك
والحديث عن الإجرام الصهيوني طويل ومتشعب حتى نحو بني جلدتهم ومن ثبتوا أقدامهم وأبناء العالم أجمع فقد قتلوا الرجل والمرأة والطفل الصغير والشيخ الكبير والشجر والهواء واعدموا الأسرى والمعتقلين وهدروا دماء المسالمين والعجزة والمقعدين وملائكة الرحمة ورسل السلام ودمروا القرى والمدن من عهد موسى حتى اليوم وخبزهم معجون بدماء الأبرياء لم يسلم من بطشهم الأنبياء ولا الرسل ولا الدواب ولا الطير ولا الحجر قاتلهم الله أنى يؤفكون
وأخيرا نقول إن حق في الحياة لبني البشر بغض النظر عن جنسهم وعرقهم ولغتهم ودينهم ولونهم حق إلهي أصيل وموروث طبيعي لا يمكن انتزاعه من البشر بالطريقة الوحشية الإسرائيلية بإعدام الجرحى والمعتقلين وبالتصفيات الجسدية والقتل العمد لمدنيين يستحقون الحياة

mahdimubarak@gmail.com