التعديلات الدستورية المقترحة تغير هوية وملامح وشكل الحياة السياسية في الأردن

بسام البدارين -  نقطة واحدة فقط في الدستور الأردني لا زالت عالقة ولم تقرر بشأنها أي تعديل لجنة ملكية شكلت لإجراء حزمة من التعديلات الدستورية.
وهذه النقطة سيحسمها صاحب الأمر المباشر وهو الملك شخصيا بعدما تبين إثر شهرين من الإجتماعات الفنية والتشريعية بأن الغالبية الساحقة من المواد الأساسية في الدستور خضعت للتعديل فعلا.
لكن ما تبقى النص الذي ينظم ولاية العهد حصريا فقد ترك للتشاور مع الملك عبد الله الثاني الذي سيقرر ما إذا كانت ولاية العهد ستعود لأصلها الدستوري، كما كان عام 1952 بحيث تنحصر في أكبر أبناء الملك سنا أم ستجيز للملك إختيار أحد أشقائه لولاية العهد.
وما دون ذلك من الواضح أن لجنة التعديلات الدستورية نفضت الغبار سرا وفي الكواليس عن الملف الأكثر تعقيدا وتمكنت من وضع وصفاتها الدستورية الطازجة وإنتهت من عملها.
ويفترض ان لجنة تعديلات الدستور التي يترأسها المخضرم أحمد اللوزي ستقدم تقريرها بصفة رسمية للملك الأحد المقبل وبحضور طبقة رجال الدولة وبإحتفال رسمي فالأردنيون بصدد أول مرة منذ عشرات السنين يتجهون فيها لإقرار تعديلات دستورية تنطوي على تغييرات جذرية في طبيعة العلاقات التي ستحكم المؤسسات والمواطنين مستقبلا.
ولم يتم بعد الإعلان عن أي تفاصيل من التعديلات الدستورية لكن 'القدس العربي' علمت بأن الدوائر المسؤولة في الدولة وتحديدا الأمنية والقنوات التشريعية والإستشارية شاركت في حوارات عصف ذهني مع لجنة التعديلات قبل التوصل إلى صياغات نهائية يفترض أن يقررها البرلمان إذا وافق عليها القصر الملكي.
وعلى هذا الأساس ولإضفاء طابع وطني وعام على هذه المقترحات الدستورية الجديدة سينظم الأحد حفل نخبوي ضخم تشارك فيه جميع السلطات وقد يتخلله مأدبة إفطار في مراسم تقديم التعديلات الدستورية وهو حفل أصر عليه عضو لجنة التعديلات ورئيس مجلس الأعيان طاهر المصري.
ويتقصد المصري بوضوح هنا تقديم تعديلات الدستور بحضور لجنة الحوار الوطني التي قدمت هي الأخرى وثيقة للإصلاح السياسي وحضور البرلمان حتى يفهم النواب وأعضاء السلك الحكومي بأن القصر يدعم هذه التعديلات المستجدة على الحياة السياسية .
ولم تتضح بعد جميع تفاصيل التعديلات الدستورية التي تقررت فعلا لكن من الواضح أنها كرست الفصل التام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وحصرت إصدار القوانين المؤقتة في حالات الكوارث والزلازل فقط وخلقت صعوبات في وجه حل البرلمان بقرار من سلطة التنفيذ وأسست لقواعد تداول السلطة وتأسيس حكومة أغلبية التيارات البرلمانية. ويعتقد ان التعديلات التي ستخضع لاحقا للنقاش بين أعضاء مجلس النواب ضاعفت من السقف الزمني لولاية الدورة البرلمانية ودفعت بإتجاه إنتخابات أكيدة في حالة العطلة البرلمانية وأسست لمساحات جديدة من إستقلالية البرلمان.
ويصر بعض أركان مجلس النواب مثل الدكتور ممدوح العبادي على ان التعديلات الدستورية ينبغي ان تتضمن نصا دستوريا واضحا يمنع حل البرلمان في أي حالة من الحالات إلا من قبل البرلمان نفسه ووفقا قواعد دستورية واضحة.
ويتردد ان المرجعيات وافقت قبل النقاش بالتعديلات الدستورية حتى على آلية جديدة لإخيتار وتشكيل الحكومات تخفف من صلاحيات القصر الملكي وتورطه بالتفاصيل مقابل عملية إصلاحية جماعية متوافق عليها فقد نقلت شخصية سياسية مهمة عن الملك عبد الله الثاني شخصيا القول في أحد الإجتماعات الإشارة إلى أنه لا يتمسك بصلاحية تشكيل الحكومة وإقالتها وحل البرلمان في حال وجود ضمانات لتوافق وطني على مبادىء مستقرة في هذا لسياق وعلى أساس تشجيع الإصلاح السياسي