فاجعة الخميس.. جردة حساب طويلة


الخسارة كبيرة، والحزن عميق شامل، يصعب محوه من الذاكرة، لقد خسرنا ثلة من زهورنا الاطفال ومعلماتهم في لمح البصر، وعلى حين خطأ وتقصير وقسوة للطبيعة.
تكاتفنا، من الملك الى ابعد مواطن عن الحادثة، تبادلنا العزاء، والدموع، ونكسنا الاعلام، وآمنا بالقدر ايمانا صحيحا، كل ذلك، ميزة اردنية اصيلة، يجب ان تتلوها اسئلة اخرى مختلفة «اسئلة ما بعد الحزن».
الفاجعة تحتاج الى من يتحمل مسؤوليتها، لسببين؛ الاول: حتى ننصف من ماتوا واهليهم الثكالى، والثاني: حتى نعرف الى اين تسير بنا الترهلات في المؤسسات والى متى.
قبل الحديث عن اجراء التحقيقات، هناك مسؤولية سياسية واخلاقية على وزير التربية والتعليم، للاسف، لم يتفاعل معها، فمن مات من الطلاب كانوا جزءا من مؤسسته، وانتقلوا للرفيق الاعلى بأخطاء مورست تحت ولايته.
توقعت منه ان يستقيل، وان لا يبيت ليلته وهو وزير، لكن فوجئنا به وبدولة الرئيس يتهمون المدرسة حتى قبل اجراء اي تحقيق، وكأنهم في موضع دفاع عن النفس وتهرب من القاء اللوم عليهم.
لابد من استقالات، ومحاكمات، وتحقيقات غير مزيفة شكلية، فالفاجعة ليست يسيرة، قد تتكرر ما بقي الترهل، كما ان اسبابها باتت بنيوية اصيلة تحتاج لمواجهة شجاعة غير مترددة.
هناك جهود معقولة بذلت بعد الحادثة من الاجهزة المعنية، الامن والدفاع المدني والمواطنون، يشكرون عليها، رغم حاجتها الى تقييم من جهة الخدمات اللوجستية وامكانية سرعة الاستجابات.
لماذا سمحت الحكومة برحلة في هذه الاجواء؟ الا تعرف ان ثمة اجواء قوية تلوح بالافق، ام انها لا تكترث، ام انها لا تسيطر على المدارس، ام انها لا تراقب، كل الاسئلة تدين ولا تبرئ؟
اما قصة البنية التحتية في غرب الوطن، فهناك الكثير الكثير من الاسئلة التي تبحث عن اجابات، فلا اشارات تحذيرية، ولا رقابة، ولا صيانة، ولا اشغال تعمل الا امام بيوت المتنفذين في عمان.
خلية الازمات ومؤسستها تظهر لنا بعد الكارثة، لتحزن معنا، فما الفائدة منها، ولوجودها فتكلفتها المليونية عبء ان لم تقم بدور وقائي قبل دور التباكي.
نعم، حادثة مؤلمة بكل الاتجاهات، لا يكفي معها التباكي، فلابد من تصويبات حقيقة وقوية، تبدأ بالمحاسبة الجادة، وتنتهي بتقويم الاخطاء والادارات.