الخميس الاسود

فقدت الأسرة الأردنية بالأمس القريب العديد من الأطفال الذين خرجوا في رحلة مدرسية للبحر الميت....ليلة حزينة عاشها الأردنيون... كل الأردنيون من آباء وأمهات هم أمهات وآباء هؤلاء الأطفال الذين ابتلعتهم السيول الجارفة وحرمتهم من أحضان ذويهم.
وعزاؤنا الوحيد قول رسولنا الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم : الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله,ونحن بدورنا نحتسبهم شهداء عند ربهم يرزقون,وألهم أهلهم الصبر والسلوان.
تتهافت منذ الأمس الأصوات وتتسابق الحناجروأخص بالذكر الإعلاميين، بإقالة وزير التربية والتعليم معتبرين أنه المسؤول الأول عن الكارثة التي أحلت بنا في هذا اليوم الحزين,وهنا لابد من التنويه أن الرحلات المدرسية لا تتم الموافقة عليها بالسهولة التي يعتقدها البعض,المنظرون يسهل عليهم إملاء هكذا تصريحات وترى الجميع خلفهم يعيد ما طالبوا به ولكن لا بد من التأني قبل إطلاق الأحكام جزافاً,ولست هنا مدافعة عن وزير التربية أو مديرة التربية(تربية لواء الجامعة) ولكن يجب العلم أن هذه الموافقات تكون مسبقة وقد تكون قبل شهر من تاريخه وهنا لا يمكن إلقاء اللوم على هؤلاء بالرغم من تاريخ الكتاب الي تم نشره والصادر من مديرية التربية والتعليم للواء الجامعة قسم النشاطات المدرسية تاريخ 24/10/2018 بالموافقة على تلك الرحلة، ولكن باتجاه ومسارمختلف لما حدث على أرض الواقع, للأزرق وليس للبحر الميت,ثم ثاءب أن كان هناك رحلات أخرى للبحر الميت ولكن لم يتقدموا باتجاه المجاري المائية وأماكن تصريف المياه ومجرى السيول،كما فعلت تلك المدرسة إنما التزموا بقواعد السلامة العامة والشروط التي تشترطها الوزارة على الرحلات المدرسية الترفيهية,ثم من قال أن الوزير عليه أن يتتبع خط ومسير تلك الرحلة! أليس هناك من مساءلة ذاتية؟ألا تتابع تلك المدرسة الحالة الجوية التي منذ أيام تحذر مختلف الجهات المعنية في الدولة المواطنين من تجنب مجرى السيول والابتعاد عن المنحدرات والأماكن التي قد تتكون فيها سيول جارفة تأكل في طريقها الأخضر واليابس؟ألا يوجد حرص ذاتي من تلك المدرسة على سلامة أبنائها الطلبة وسمعة صرحها التعليمي؟
ليس بوسعنا إلا أن نقول قدر الله وما شاء فعل هي مشيئة الله وقدر لا أحد يقوى على تحديه ومن كتب له انتهاء الأجل،سيسلم روحه لبارئها حتى لو كان في بروج مشيدة.
وهنا لابد من التطرق لوزارة الأشغال العامة متمثلة بوزيرها حديث العهد حتى لا نلقي اللوم عليه وإنما هو مطالب اليوم بالعودة للملفات وفتح تلك العطاءات التي جلبت لنا تلك الكارثة, لمعرفة المتعهد الذي تفنن في فساده والذي انبثق عنه هكذا جسر ينهار من أول قطرة خير وأول سيل جارف.
على الدولة الأردنية متمثلة برئيس حكومتها الرزاز التركيز على وزارة الأشغال العامة التي تتحفنا صيفاً بما تنجز وتهلكنا شتاءً بكوارث تدمي العيون وتفجع القلوب.
كيف ينهار هكذا جسر قد كلف الخزينة الملايين،في جرفة ماء ،وفي أول يوم ينهال الخير من السماء على الأرض؟
الشعب يطالب الرزاز بفتح تحقيق شامل حول تلك التجاوزات
الشعب يطالب وزير التربية والتعليم بإيقاف جميع الرحلات المدرسية وتحويلها إلى فعاليات داخل المدارس فقط سواء الخاصة أو الحكومية صيفاً وشتاءً،لأن الصيف أيضاً لايقل عن الشتاء خطورة(من جاهزية الحافلات ومخاطر الطرق وارتياد أماكن السباحة)
الشعب يطالب وزير الأشغال بفتح ملفات الفساد تلك والإدلاء بأسماء المقاولين والمتعهدين الذين قاموا بإنشاء تلك الجسور الواهنة وكأنها بيوت عنكبوت،لتحويلهم للقضاء وبأسرع وقت ممكن حتى يكونوا عبرة لغيرهم ممن تسول له نفسه التلاعب بالمواصفات والمقاييس من أجل حفنة مال ستؤدي به إلى الهلاك يوم لا ينفع مال ولا بنون.
لنوحد الصف ونقف يداً بيد في وجه الفساد والمفسدين في الأرض.
الشعب يطالب الملك الإنسان الذي ألغى رحلته إلى المنامة للوقوف على هذا المصاب الجلل،وهو ليس بالشيء الجديد على الأسرة الحاكمة فهي تحكم الأردن بالإنسانية لا بالعدوانية،نطالبك سيدي عبد الله بإيقاع أقسى العقوبات على كل من كانت له يد في إنشاء هذا الجسر المتهالك والضرب بيد من حديد.
كل الشكر والتقدير لكافة الكوادر الأمنية التي لم يغفل لكوادرها جفن،وباتت على شواطىء البحر الميت تسعى جاهدة لإنقاذ من يمكن إنقاذه(الأمن،الدفاع المدني،سلاح الجو،الجيش العربي،القوات المسلحة الاردنية) كما نقدم الشكر الجزيل لكوادر المملكة الطبية أطباء وممرضين ومسعفين وعلى رأسهم وزير الصحة الذي نزل الميدان ليتابع المستشفيات والمراكز الصحية التي استقبلت الحالات أولاً بأول،هكذا هو بلد النشامى وهؤلاء هم أبناؤه يهبون هبة رجل واحد،ونثمن جهود حكومة الرزاز كافة،التي نزل وزراؤها بالأمس يشاركون الأردنيون مصابهم الجلل.
وختاماً نتمنى الشفاء العاجل لكل من هو على سرير الشفاء ورحم الله طيور الجنة التي فقدناهم من الأطفال،رحم الله كل من فاضت روحه الطاهرة بالأمس إلى بارئها...عزاؤنا للوطن ملكاً وشعباً وحكومة،وألهم ذوو الشهداء الصبر والسلوان ولهم من كافة الأطياف الأردنية حسن العزاء وطول والبقاء وإنا لله وإنا إليه راجعون.