أوراق قوتنا


لأن صاحب القرار واقعي يحترم شعبه ولا يُغامر، يملك رؤية وبُعد نظر، لم يتردد في اتخاذ قراره بإلغاء ملحق معاهدة السلام الذي يتطاول على حقوق أردنية، بدلالة إقرار العدو الإسرائيلي بالسيادة الأردنية وسريان قوانينها حكماً على أراضي الباقورة والغُمر، وإجحافها أن القوانين الأردنية لا تنطبق على الإسرائيليين القادمين من أرض فلسطين إلى أرض الأردن، حيث تنطبق عليهم قوانين المستعمرة الإسرائيلية، وبذلك تشبه القوانين التي كانت تطبق على المستعمرين الأجانب إذا تجاوزوا حدودهم في البلدان المستعمرة الضعيفة، ولا تطبق عليهم القوانين المحلية الوطنية.
التهديدات الإسرائيلية لها قيمة وأهمية، ولكننا نملك أوراقاً أقوى منهم، فالأرض أردنية وهم يُقرون بذلك، وبنود الاتفاق تُجيز الإلغاء، مثلما تُجيز التجديد بعد مرور خمسة وعشرين عاماً، ولكن الأوراق الملعوبة ستكون سياسية بإمتياز وهذا مصدر قوتنا وفهمنا وعلاقتنا، فنحن لم نذعن لتأثير الربيع العربي ودماره وخرابه، وعلاقة الدولة بشعبها متينة قوية، مسنودة بالتوافق والتفاهم والتواصل، وإمكانات التسلل الاستخباري للتأزيم الإسرائيلي مكشوفة ولا أوراق إسرائيلية عندنا، ولكننا نملك أوراقاً أردنية عندهم وأولها شعبنا العربي الفلسطيني على كامل الأرض الفلسطينية، فنحن لهم وهم لنا نتبادل المعرفة والمصلحة والأولويات، ومعاركنا عندهم نتائجها لصالحنا دائماً، سواء في الحرم القدسي الشريف كما حصل في شهر تموز عام 2017 كان الانتصار لنا بفعل أهل القدس وصمودهم وتماسكهم وتمسكهم بقدسية المكان وطهارته من التدخل الإسرائيلي، وهزموا نتنياهو وأجبروه على إزالة البوابات الإلكترونية والجسور الحديدية والكاميرات الذكية، أو في معركة المقدسات والأملاك المسيحية، حيث كان الانتصار أيضاً لنا في شهر شباط 2018، بفعل قرار الكنائس الموحد بإغلاق كنيسة القيامة وأجبروا نتنياهو على التراجع وهذا ما حصل أيضاً في شهر حزيران 2018، وأخيراً يوم الأحد 21/10/2018.
على الصعيد الدولي نحن نملك حضوراً واحتراماً في أوروبا، أما قوتهم في الولايات المتحدة، فهي مأخوذة من ضعف الآخرين وعدم قدرتهم على العمل، بينما يملك الأردن حضوراً ومكانة لائقة في كافة مواقع ومؤسسات صنع القرار الأميركي، فالمصداقية التي يتمتع بها جلالة الملك وقدرته على نسج العلاقات مع كافة الأطراف الأميركية بما فهيا الطائفة اليهودية تجعلنا في منأى من الأذى الشديد من تدخل قوى اللوبي الصهيوني اليهودي الإسرائيلي.
نحن كأردنيين شركاء داخل فلسطين، وهم لا شراكة لهم عندنا، فإذا طالبوا بحقوق الملكية لأرض الباقورة لأنها مدفوعة الثمن من قبلهم منذ عهد الانتداب البريطاني عام 1926، فلدينا مئات الالاف من الأردنيين الذين يملكون بشهادات الطابو أملاكاً تقدر بالمليارات في اللد والرملة ويافا وحيفا وصفد وطبريا وبئر السبع، وهذا هو مصدر الاجحاف الفاقع الذي وقع في ملاحق معاهدة السلام، فقد طالبوا بحق الملكية لأرص الباقورة، ولم نتمسك بحق استعادة الملكية لأراضي وممتلكات وبيوت وبيارات ومشاريع الأردنيين من أصول فلسطينية الذين تشردوا عام 1948، وتُقر قرارات الأمم المتحدة بحقهم بالعودة وحقهم باستعادة ممتلكاتهم المصادرة المنهوبة من قبل مؤسسات حكومة المستعمرة الإسرائيلية.
لنا حق عندهم، ولا حق لهم عندنا تلك هي المعادلة الأقوى التي نملكها ونستند إليها، والمعركة مفتوحة بأدوات مختلفة بيننا وبينهم، ولسنا محايدين في الصراع بين المشروعين : بين المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.