عيب ما يجري امام السفارة السورية بعمان ...


  منذ ايام ، تشكلت في الاردن وبرعاية الاسلاميين ، لجنة لنصرة ما يسمى بالمعارضة السورية ، تمارس طقوسها يوميا ، امام سفارة الجمهورية العربية السورية في عمان ، الى هنا الامر طبيعي ، ان كان لمجرد التعبير عن موقف سياسي ، وبطريقة حضارية ، فمن حق اي فئة من المواطنين ، ان تعبر عن رأيها ، وعلى الحكومة ان تعزز احترام الرأي والرأي الاخر ، حتى لو كان من يمارس هذا الحق ، لا يحترم الرأي الاخر ، ولا يعترف بالاخر اصلا .  

     لقد بدأت مثل هذه الفعاليات قبل رمضان ، وبمبادرة من مواطنين سوريين معارضين ، وبالطبع شاركهم بعض الاردنيين ، وكانت تتم باسلوب مقبول ، يقابلها على الطرف الاخرى ، فعاليات مؤيدة لقيادة سوريا ، من مواطنين سوريين واردنيين ، لكن طريقة التعبير ، والتركيز على كثافة التحشيد ، بدأت بعد ان تشكلت اللجنة السابقة الذكر ، وبرعاية الاسلاميين الاردنيين ، ومشاركة واضحة من بعض قادتهم ، الذين اصبحوا نجوما للخطابة في تلك الفعاليات ، متناسين ان سوريا ، ولاسابيع خلت ، كانت قبلتهم ، وحيث زياراتهم التي لم تنقطع لدمشق ، لمقابلة قادة حماس ، وعقد لقاءات وحضور مؤتمرات ، رغم حظر نشاط تنظيم الاخوان المسلمين السوريين .

     لقد شهدنا منذ ايام ، هتافات بهذه المسيرات ليست مقبولة ، واليوم يطلع علينا احد المواقع الاخبارية الاردنية ، متباهيا بعشرات الصور ، يظهر فيها سلوكيات غير مقبولة ابدا ، مثل اعدام دمية ، تمثل زعيم القطر الشقيق ، وهي مرفوضة حتى مع الد اعداءنا ، نرفض مثلها لشارون وزبانيته ، فكيف لزعيم قطر عربي شقيق ، تربطه بالاردن اواصر الاخوة والجوار والمصالح المشتركة ، وهي قيادة شهد لها الجميع بالحكمة والاعتدال وبعد النظر ، فكلنا يذكر كيف كانت علاقات القطرين قبل الحركة التصحيحية عام 1970 ، وكيف كانت الحرب الاعلامية على اشدها ، وبابشع الالفاظ ، وجميعنا يعلم ، ان حرب حزيران 1967 داهمتنا ، ونحن في قلب معارك اعلامية ، ساهمت في هزيمتنا وتهورنا ، فكان ان اتعظ العرب من تلك التجربة ، وسارت الامور بعد حزيران في طريق التعقل ، وبدأت اتهامات العمالة والتخوين تتلاشى ، واصبحت مستهجنة ، خاصة بعد ان رفعت سوريا شعار التضامن العربي ، ومدت يدها لجميع الاشقاء ، تقدميين ورجعيين ، لحشد طاقات الامة ، في معركتها ضد اعدائها ، وكلنا يذكر ايضا ، كيف وصلت العلاقات الاردنية السورية اواسط السبعينات ، الى ما يشبه الوحدة الاندماجية .   

     ان حزب جبهة العمل الاسلامي في الاردن ، يعد من اقدم وانضج الاحزاب السياسية في الاردن ، ويعد ايضا من اكثر الاحزاب الاسلامية العربية حكمة واعتدالا ، واستغرب هذا التحول المفاجيء في موقفه ضد سوريا ، وهو الذي كان له معها قبل اسابيع افضل العلاقات ، وكيف يسمح لبعض قادته ، ان يتقدموا مسيرات ، يتلفظ القائمين بها بالذع الالفاظ ، ويمارسون اتفه الممارسات ، ضد زعيم قطر شقيق مجاور ، يعد من اقرب الاقطار العربية لنا ، يعلم كل من يمتلك الوعي السياسي ، ان ما يجري داخله ، هوحلقة في مؤامرة تمزيق القطر الشقيق الى كانتونات طائفية ، لتمرير المخططات المشبوهة في المنطقة العربية ، خدمة لاسرائيل ، فالاصلاح المنشود يسير في طريقه ، لكن ما يجري لا يهدف للاصلاح .

     انني اطالب الحكومة الاردنية ، والاردن معروف عربيا وعالميا ، بوسطيته واعتداله وحكمة قيادته ، وسعيه الدائم لوحدة الصف العربي ، والوقوف مع قضايا امته ، مهما غلت التضحيات ، اطالب حكومتنا ، بمنع مثل هذه الممارسات ، عندما تخرج عن حدود اللياقة ، وتهدد علاقاتنا مع الاشقاء ، وان تلتزم بحدود التعبير الديمقراطي ، فكما ساغضب ويغضب الشعب الاردني ان أسيء الى قيادتنا من اي شقيق ، فكذلك يجب ان لا نسمح ان تنطلق مثل هذه الاساءات من ديارنا الاردنية ، فالمراهنون على سقوط قيادة سوريا خاسرون حتما .


m_nasrawin@yahoo.com