هل تلتقط حكومة الرزاز الرسائل الملكية ؟

في الكلمة التي ألقاها جلالة الملك عبد االله الثاني، في افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الثامن عشر، يوم الأحد 10/14 ،مجموعة رسائل مهمة على الحكومة تنفيذها دون توان، وهي: سيادة القانون على الجميع دون تمييز – ترسيخ هيبة الدولة – محاربة الفساد واجتثاثه من الجذور – توفير الخدمات الأساسية الجيدة للمواطنين – بناء نظام اقتصادي منفتح يحقق النمو والازدهار. وفي مطلع هذا الشهر، وفي لقائه بالإعلاميين، ركّز جلالته على هذه المواضيع التي تقلقه وتقلق الأردنيين، منبّها إلى ضرورة إيجاد حلول لها، بلا تراخ. مما تقدّم أستطيع القول إن الملك يضع للحكومة خريطة طريق، ويحدّد لها معالم السير، ويمنحها الدعم التام لممارسة سلطتها بحزم وقوة، لاجتثاث الفساد، وإنفاذ سلطة القانون على الجميع، وإصلاح البنى الخدماتية والاقتصادية والاجتماعية.. وإذا كانت هيئة الوزارة هي السلطة التنفيذية التي تترجم توجّهات الملك وسياسته، تلك التي بدت جلية في خطابه بمجلس الأمة، وفي أحاديثه ولقاءاته المتعددة، فلماذا تتقاعس الحكومات عن تنفيذ هذه التوجيهات والسياسات طالما أنها تحظى بغطاء ملكي؟ وهل يمكن لحكومة الرزاز أن تترجم توجّهات الملك بالسرعة المطلوبة أم أن هناك من المعيقات ما يحول دون التنفيذ ؟

 
في كوريا الجنوبية، وهي واحدة من الدول الصناعية العملاقة، عزلت رئيسة الوزراء ( مارك كون هيه ) من منصبها العام الماضي، بشبهة فساد ورشوة وسوء استخدام للسلطة، تورّطت فيها بتأثير من صديقة لها استغلت علاقتها بها في الحصول على أموال وتبرّعات من الشركات، بصورة غير شرعية.. وقد طالبت النيابة العامة بحبسها 30 سنة.. والغريب في الأمر أن إحدى التهم هي منعها الحكومة من تقديم الدعم لعدد من الفنانين والمثقفين، ووضعهم في القائمة السوداء لأنهم يعارضون الحكومة !! قررت المحكمة حبس تلك السيدة التي كانت تشغل أعلى سلطة في البلد، 24 سنة، وتغريمها 8.16 مليون دولار، كما حكمت على صديقتها بالحبس 20 سنة، وهما الآن تقضيان مدة محكوميتهما في السجن، كغيرهما من السجناء والسجينات، وليس في فلل خاصة كما يحدث في الدول العربية، هذا إذا حدث.. ولو تأملنا في التهم المسندة لتلك الرئيسة بمنظورنا، لوجدناها من الأمور العادية التي يقوم بها الوزراء والمسؤولون العرب كل يوم، ولا تجد من يحاسبهم عليها، أو يسألهم عنها، لكن النظام الصارم، والقوانين الحازمة في كوريا تحاسب المسؤولين على السلوك والمال العام، وتطبّق القانون على الكبير والصغير، وعلى المسؤول قبل المواطن. فهل نتساءل بعد ذلك كيف ولماذا تتقدّم دول وتتخلف أخرى؟