سعد السيلاوي.. كفاح ونجاح

بدأ المنظمون بي لأن سعدا بدأ معي
ناداني المعلم الكبير الأستاذ ابراهيم سكجها، وكان رئيس تحرير صحيفة «صوت الشعب» التي اعمل فيها مسؤول الشؤون المحلية. قال لي: اعتقد ان هذا الشاب خامة ما مرّت علي.
كان سعد ذو العشرين عاما يفيض ابتساماتٍ وألفةً وحيويةً ونغاشةً. عملنا معا فوجدته مقداما اقتحاميا لا يهاب. او ما نسميه بالعامية «مخش».
لو قلت لسعد اذهب الى القصور الملكية او الى قصر الضيافة ولا تعد إلا بحديث مع الملك الحسين او مع الزعيم ياسر عرفات، كان يذهب بلا تردد أو تسويف. و لا يمكن أن يعود سعد إلا وابتسامته الظافرة تشي بأن الحديث الصحافي مع الملك او مع «الختيار» في الجيبة.
كانت المشكلة مع سعد تكمن في شجاعة المُكلِّف لا المكلَّف. فلسانُ حاله ظل دائما: «بتحداك، جربني، هل تراهنني انني بعملها؟»
كانت الصحافة منهكة لكثرة من تقلبوا على قيادتها. ولكثرة الأوامر والنواهي. ولتعدد الجهات التي تتابع وتراقب وتزجر وتمنع وتمنح. كنا قد خرجنا للتو من صيغة الرقيب الذي يجلس معنا في الصحيفة، نمرر له الأخبار والمقالات والكاريكاتير والنعي، فيجيزها ويوقعها ولا يطبعها «الصفيفةُ» الا اذا كانت ممهورة بتوقيعه السامي!
كان الزمنُ زمنَ كُتاب. وليس زمنَ صحافيين. فالصحفي المجد لا يستطيع أن ينشر خبرا متميزا حصل عليه بألف مناورة، لأن الرقابة المباشرة، أو الاتصالات الهاتفية، لا تسمح بالنشر، فلماذا يبذل جهدا مهدورا؟
كان الكتّابُ من جانبٍ نجومَ صحف ومنتديات وسهرات تلك الأيام. وكانوا على الجانب الاخر، موضع مطاردة أيضا يمنعون في الكتابة:
طارق مصاروة، عبدالرحيم عمر، ابراهيم سكجها، راكان المجالي، عرفات حجازي، فهد الفانك، فخري قعوار، فهد الريماوي، بدر عبد الحق، ابراهيم ابو ناب، مؤنس الرزاز، خالد محادين واحمد سلامة.
حفر الدمثُ سعدٌ بجده ومثابرته وعرقه، ممرا صعبا، في أيام صعبة. وعبر البرزخَ المليء بالتحديات. ولم يكد يمر شهران على عمله حتى ذهبت الى المعلم الكبير ابراهيم سكجها. قلت له: هذا رمح. هذا شاب يحمل زانته ويتجاوز الخطوط والأرقام القياسية.
الإيجابيةُ والثقة والحيوية والسرعةُ هي ما ميزت سعدا، الذي كان متلهفا على القيام بالمهام الصعبة.
ولما سطع نجمُ سعد على «العربية» تفاجأت. فقد كانت سرعتُه انفجاريةً لا تدرك. وجد سعدٌ ذاته وحققها في الإعلام المرئي والمسموع. فتفوق وابدع.
تجلى سعد واخترق وارتقى في الإعلام المرئي والمسموع. اجتمعت فيه الموهبة والاحتراقية والإيجابية والطموح. وتميز بثلاث خصال:
1. إدراك قوة الاعلام وتأثيره فأفنى نفسه فيه.
2. الانحياز الكلي إلى العرش والوقوف مع الملك في احلك الظروف. كان ذلك في عز الربيع العربي.
3. الغياب الانفجاري الفجائعي.
يرحم الله سعدا وللاوفياء امثالكم وافر الاحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(كلمتي في حفل تأبين سعد السيلاوي في قصر الثقافة يوم امس)