الحكومة البرلمانية ليست الأولوية

علينا ألا نتفاءل كثيراً بالأطروحات حول الحكومة البرلمانية، التسويق جاء مؤخراً بلسان رئيس الوزراء، حكومة برلمانية خلال عامين، هذا ما طرحه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، ولا أعرف حقيقة هل هو تصريح ضمن خطة أعدتها الحكومة بالتعاون مع السلطة التشريعية والسلطات المختلفة، أم هو قرار فردي دون الرجوع إلى واقع الأمر.
بحكم الخبرة واستعراض التجارب، أرى بأن الأردن لا زال في بداية الطريق، وأن أحزابه بحاجة لأرضية خصبة تمكّنها من تفعيل دورها وإعادة ثقة المواطنين بها، ومن ثم بناء برامج سياسية اقتصادية واقعية تلامس من خلالها هموم المواطنين، وتصنع لها شريحة مناصرة قادرة من خلالها أن تخوض الانتخابات، بعد اجراء تعديلات تشريعية مرتبطة بقانون الأحزاب وقانون الانتخابات والمواد الدستورية، تمكّنها من خوض غمار المنافسة ومحاولة كسب «القطعة الأكبر من الكيكة».
وهنا يلوح السؤال؛ أين نحن في هذا المسير؟
على الحكومة قبل الدخول في معركة الوصول إلى الحكومة البرلمانية وتحقيقها، وهنا لا بد من إدراك التحديات والعقبات التي ستواجه الحكومة والأحزاب ومجلس الأمة بغرفتيه والبيئة السياسية العامة، للوصول إلى ما نطمح إليه جميعاً، حكومة برلمانية حزبية ديمقراطية يفرزها الشعب ممثلةً له ولهمومه وآماله.
الحكومة لا زالت قاصرة عن تحقيق آمال الأردنيين الذين أوصلوها إلى الدوار الرابع، ولماذا لم يقدم الرئيس بوادر حسن نوايا اذا كانت حكومته جادة في موضوع الحكومة البرلمانية عندما أجرى تعديلا على حكومته؟ وهل حكومة لم تنجز حوالي 50 % من وعودها خلال 100 يوم الاولى من عمرها تستطيع إنجاز إصلاحات دستورية وقانونية تسهل تشكيل حكومات برلمانية خلال عامين؟ وهل بإمكان حكومة الرزاز فعلاً المضي نحو الحكومة البرلمانية؟
عوداً على بدء، الأولويات لابد أن تصب الآن وفي ظل هذا الانفتاح السياسي، والإرادة الحقيقية لمأسسة العمل البرلماني واستعادة الثقة بمؤسسات الدولة المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني لدى المواطنين، حتى تسهل مهمة الوصول إلى تقبل شعبي ونخبوي لفكرة الحكومة البرلمانية وتجد لها الداعمين من كافة الأطياف والانتماء والطبقات والسلطات حتّى.
الحكومات البرلمانية ليست حلا سحريا فهناك دول ديمقراطية متقدمة جدا مثل امريكا لا يشترط في الحكومة ان تكون من البرلمان وكذلك الامر في الحكومات البرلمانية في الاردن موجودة في تصنيف ان البرلمان يسقط الحكومة ويمنحها الثقة ولكن النموذج الذي يلمح له رئيس الوزراء وهو الأكثر شيوعاً من حيث مفهوم الحكومة البرلمانية هو الجمع بين عضوية البرلمان وعضوية الحكومة كما هو الحال في بريطانيا وألمانيا.
أولوياتنا واضحة أمام الجميع، إصلاحٌ للجهاز الإداري، واستعادة ثقة الشارع، وتنفيذ الوعود التي قدمتها الحكومة على نفسها حتى يعود نبض الحياة والأمل للأردنيين جميعاً، بأن بصيصاً لا زال يلوح في الأفق، لا يريد الأردنيون الخروج من عنق الزجاجة ولا انتظار سنة جديدة تفكّ «الضيقة وتفرج».
وأخيراً: أدعو الحكومة إلى مأسسة الحوار وليس تنفيذ حوارات مع مجموعات هنا وهناك فقط، تحقيق منظومة النزاهة الوطنية من خلال تفعيل المؤسسات الرقابية وتقديم الدعم اللازم لها، وتقديم برنامج حقيقي ذي مؤشرات واقعية قابلة للتطبيق والقياس، وخطوات عملية لتطوير الخدمات الأساسية، كما يتوجب على الحكومة إجراء تعديلات وإصلاحات تشريعية تضمن المبادئ العامة للانتخابات النزيهة، ويمكن تحقيق التقدم والتطوير على كافة الأصعدة وإجراء الإصلاحات بدون اشتراط الحكومات البرلمانية، وعلى رأس تلك المطالبات يجب على الحكومة ومن خلال التشريعات الناظمة للحياة الحزبية إلغاء كل القيود على الممارسة الحزبية حتى نتمكن من الحصول على أحزاب برامجية حقيقية قادرة على استلام زمام المبادرة، وأخيراً لا بد من تعديلات جوهرية في قانون الانتخاب بحيث يتضمن توسيع الدوائر الانتخابية بهدف تشكيل تكتلات وطنية قد تكون الاحزاب محورها الأساسي.