نقاط مضيئة !

أردني يخترع أول تقنية هجينة للتواصل مع قمر إصطناعي عن بعد ، وآخر يخترع نظاما متطورا لتبريد المركبات الفضائية ، وثالث يكتشف طريقة لاستخدام الطاقة المغناطيسية تحل محل النفط في مجالات عديدة ، وغيرهم كثيرون قدموا لمراكز الأبحاث العالمية ، ومنها وكالة ناسا الأمريكية مخترعات واكتشافات تدل على قدرة المجتمع الأردني ، ونظامه التعليمي الذي نجلده ليل نهار على إنتاج المتميزين والمبتكرين والمخترعين !

خطر ذلك على بالي وأنا استمع إلى خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في افتتاح أعمال الدورة الثالثة لمجلس الأمة الثامن عشر ، حين قال إن رؤية الأردن الطموحة ترتكز على محاور ثابتة ، فالأردن هو دولة القانون " ودولة الإنتاج " وهو دولة محورها الإنسان ، وحين أضاف أن دولة الإنتاج التي نريدها تسعى لامتلاك العناصر التي تكرس استقلالها الاقتصادي ، فالأردن يمضي بإرادة وتصميم إلى ثقافة صناعة الفرص والاعتماد على الذات ، إلى بقية الفقرات التي أضاءت المعاني والمقاصد ، وصولا إلى الفكرة الرئيسية القائمة على ضرورة إحداث التحول الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي الذي نستطيع من خلاله التغلب على التحديات التي تواجه بلدنا .

لقد حان الوقت لكي نرى النقاط المضيئة ، وهي كثيرة إلى درجة أنها تشكل حزمة قوية من الضوء الذي يبدد العتمة التي سادت نتيجة التركيز على الأخطاء وكأنها الشيء الوحيد الذي نعيشه كل يوم ، فضلا عن تحميل أنفسنا مصائب كل ما يجري من حولنا ، بدل أن نفخر بما حققناه من صمود وثبات في التصدي للإرهاب وحماية حدودنا ، وأمننا الوطني !

رغم شح الموارد فقد أنشأنا الكثير من الصناعات الناجحة التي وجدت طريقها إلى الأسواق العالمية ، ورغم شح المياه فقد أحرزنا تقدما كبيرا في مجالات تطوير الانتاج الزراعي ، ورغم عدم رضانا عن واقع التعليم العام والتعليم العالي والبحث العلمي ، فقد نال المئات من الخريجين الأردنيين جوائز عالمية رفيعة في مجالات علمية كثيرة ، فلماذا نغض الطرف عن ذلك كله ؟

إذا كانت هناك عناصر أساسية لكي يتحول الأردن إلى مفهوم دولة الإنتاج فإن معظم تلك العناصر بين أيدينا ، وأكثر ما ينقصنا هو الثقة بالنفس ، وتفعيل دور المؤسسات جميعها ، لكي نحقق الرؤية والنهج الذي لخصه جلالة الملك في ثلاثة محاور : دولة قانون حازمة وعادلة ، اقتصاد منيع في نمو مستمر يتميز بالانفتاح والمرونة ، وخدمات أساسية متميزة تقدم للأردنيين ، وكل ذلك قابل لأن يتحقق بالروح الايجابية والتعاون البناء .