سياسة البوابات المفتوحة..

 يا شام، وقفنا في منتصف الطريق، وتركنا الزمن يعمل وحده، واكتفينا بالكتابة لك وعنك لأن الكتابة هي الفرح الوحيد في الشمول الرمادي المهيمن على الزمن الرديء. يا شامنا، انتظرنا تلاشي رياح الربيع الأسود الذي ارتكبت فيه المذابح في سوريالية المشهد، وكنا على يقين بأن الورد يدافع عن كرامته، وان شعبك قادر على الصمود والفرح في دفاعه عن هويته العربية وروح الأمة بتضحية اسطورية وقدرة تستحق المديح. يا شام، بالأمس اعدنا فتح البوابة بين جابر ونصيب، وغنينا على امتداد المدى»عالبال بعدك يا سهل حوران، ولكنها ليست بوابة سفر، ولا باب رزق، ولا نافذة نطل عبرها على بر العالم، بل هي مسافة قصيرة فتحنا لها القلوب على اجنحة الحنين المشترك، لأنها صلة الرحم بين شعبين عربيين شقيقين، هي لحظة عناق المشتاق بين عمان ودمشق، ولها رمزيتها في هزيمة المشروع التقسيمي المشبوه وحماية سوريا الدولة من الأنهيار والتفكيك. هي خطوة على الطريق تؤكد بمعناها الأشمل أن سوريا تستعيد روحها ومكانها ووحدة شعبها وارضها وسيادتها واستقلالها، ولن تسمح بأن يكون الشمال المحتل مقرا أو ممرا للقوات الغازية، وستثبت انها الحد الفاصل بين تاريخين، في وقت صار فيه العرب عربين أو أكثر، حين اختفت اللغة الواحدة واختلفت المواقف، حتى بالنسبة للثوابت والمقدسات، وفي مقدمتها بيت المقدس قضية الشعب الفلسطيتي التي كانت القضية المركزية العربية وجوهر الصراع العربي الاسرائيلي. في ربوع سوريا النازفة بدم التضحيات، وعلى صخور جبالها الصامدة الشامخة انكسرت موجة الربيع الأسود، وتم تحطيم قرني»صفقة القرن»، ودفن مشروع التخريب والتدمير الذاتي، حين اختار المتطرفون العالقون في الماضي ادوات قمعهم للوصول الى السلطة، كما أفشلت دمشق بصمودها مشروع طمس الهوية القومية العربية أو استبدالها بهويات مذهبية وقبلية وعرقية، ومنها ستبدأ موجة التغيير العربي نحو الأفضل، لأن صمودها حرّك المشترك فينا واعاد احياء مشروع الوعي والنهوض العربي الأشمل. هذا الواقع الجديد أغاظ البائسين المتورطين في المشروع ألأميركي أحزنهم، لأن احد الفلاسفة قال: «من المستحيل أن يكون سعيدا من يتصرف عكس قناعاته «. اليوم ارى أن صور المشهد تتغير والتحالفات تتغير، بل العالم يتغير، وهي فرصة تاريخية لاعادة النظر بالواقع العربي بهدف التغيير، واعادة ترتيب البيت العربي على قاعدة المعطيات الجديدة، ووقف هذا الانقسام والانفصام، وارى انها فرصة تبدأ بدعم سوريا الدولة باستعادة كل شبر محتل من اراضيها في الشمال، واعادتها الى مقعدها في جامعة الدول العربية وهي عضو مؤسس ، على الرغم من عدم جدوى وجود هذه الجامعة المعطلة. كذلك يجب وقف الحرب في اليمن واجراء مصالحة وطنية لانقاذ ما يمكن انقاذه، وانهاء الصراع المسلح والفوضى والعنف في ليبيا المنسية، وبالتالي مواجهة الطامعين المتربصين المتأهبين على مشارف وثغور الوطن العربي، ووقف عمليات نهب الثروات العربية.