حمامات عمّان



حمّامات عمّان القديمة، مثل كثير من أماكنها الحميمة، ذهب عنها بهاؤها، وزبائن من مختلف الطبقات مرّوا خفافاً، بأناقة لافتة، واختفوا في اندلاق السنين.
أشهرُها وأقدمُها حمّام النصر الواقع في شارع الملك طلال، دخلة سينما الحمراء، أُنشئ قبل تسعين عاما ونيفا، بعدما كان نزلاً في العهد العثماني. يليه في القِدَم حمّام الهنا الجديد، الملقى على أكتاف سقف السيل، مذكّراً بالمسلسل الشهير الذي قام ببطولته دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق السبيعي «أبو صياح» في الستينيات.
في الماضي، كانت الحمّامات تعمل في فترتين، صباحية للنساء، ومسائية للرجال. تعيّن إدارةُ الحمّام كادراً متخصصا لخدمة النساء، وكم عروساً او عريساً، بدءا احتفالهما بالزفاف، محفوفين بالزغاريد والأغاني وروائح الصابون من أروقة حمّام من تلك الحمّامات.
تأخذ عملية الاستحمام وقتاً طويلاً، تبدأ بارتداء الملابس الخاصة بالحمّام، واستلام الصابونة والليفة والمنشفة (هناك زبائن يحضرونها معهم من الخارج). يقصد الزبون بعدها غرفة «التكييس»، وينتقل إلى بركة ماء.. ثم يستلقي على ظهره بغرض الاسترخاء في دائرة خُصصت لهذه الغاية، وقد تسبق ذلك جلسة مساج.
ثمة ركن قصي خُصص لجلوس المستحمّين وتناول المشروبات والمأكولات وتدخين الأرجيلة وتبادل الأحاديث.
بالمجمل، كانت الحمّامات مكاناً يلتقي فيه الناس من مختلف مشاربهم وطبقاتهم، يخوضون بالماء والصابون والكلام، حتى يصعب التمييز بينهم، اللهم إلا من اختلاف اللهجة، من هو الشامي ومن هو المغربي، من هو السياسي ومن هو التاجر أو العامل البسيط، وكم زارها وزراء وأعيان وسواهم.
اليوم.. يقتصر زبائن حمّامات عمّان القديمة على قلّةٍ من الغرباء والعابرين والباعة، فيما اغلقت الكثير منها أبوابها، بعدما تراجعت ثقافة الاستحمام في الحمامات العامة، وافتتحت حمامات آخرى في اماكن راقية، وبمواصفات حديثة تتيح حتى شحن الموبايل والعجلة والنسيان.