لى ھامش الحدیث الملكي « 3 « رسالة الملك.. ھل وصلت؟

بھدف إیصال الرسالة واضحة إلى الجمیع، فإن جلالة الملك عبدالله الثاني لم یستخدم أیة استعارات لغویة، أو فناً من فنون التوریة وھو یتحدث في لقائھ مع مجموعة من ّ الكتاب والصحفیین قائلاً: «إن سیادة القانون .«وترسیخ ھیبة الدولة أولویة حتى نمضي إلى الأمام وھذه رسالة واضحة مني للجمیع بھذا النطق الملكي كان جلالتھ یمارس دوره الدستوري بالتوجیھ، ومن ثم فإن على السلطة التنفیذیة التي یتولاھا جلالتھ بواسطة وزرائھ، أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتحقیق توجیھات جلالتھ خاصة في إنفاذ .القانون وحتى لا یلتبس الأمر على أحد فإن جلالتھ لم یكتف بالتوجیھ الحازم بضرورة إنفاذ القانون، بل ضرب أمثلة توضیحیة على المخالفات الیومیة للقانون، كتكسیر المدارس والاعتداء على الجامعات وإغلاق الطرق، صار على الجمیع القیاس علیھا، وصار على أجھزة السلطة التنفیذیة أن تشمر عن سواعد الجد، وتباشر في تنفیذ التوجیھات الملكیة بأن تطارد كل خارج على القانون ٍ معتد على المال العام مھما كان ھذا الاعتداء صغیراً، فلیس من الجائز في دولة القانون أن یتم إغلاق الطرق بمواكب سیارة، ومن غیر الجائز أن تتحول أرصفة الشوارع وأجزاء من الشوارع إلى مقاھي أو بسطات متحركة، فھذا خروج على القانون، واعتداء على حق المواطنین في السیر الآمن، وھو الاعتداء الذي یتم تحت نظر السلطة التنفیذیة وبصرھا، والسكوت عن ھذا النوع من الاعتداءات، ھو الذي شجع بعض الناس على الاعتداء على المؤسسات العامة كالمدارس والجامعات والمستشفیات، وصولاً إلى الاعتداء بالضرب على الموظف العام أثناء تأدیتھ لواجبھ، وھي ممارسة لم یعد السكوت عنھا مقبولاً في ضوء الرسالة الملكیة السامیة، ونظن أن أول الأجھزة المعنیة بحمایة المرافق العامة ووقف الاعتداء علیھا ھي وزارة الداخلیة وأجھزتھا الإداریة والأمنیة، فھل نشھد حملة من ھذه الأجھزة لإزالة الاعتداءات على المرافق العامة، .ومنع وقوعھا ابتداء, تنفیذاً للتوجیھات الملكیة السامیة؟ لیس تكسیر المدارس وإغلاق الطرق، ھو المثل الوحید الذي ضربھ جلالة الملك كصورة من صور مخالفة القانون، بل أشار جلالتھ إلى خلل أكبر نمارسھ جمیعاً مسؤولین ومواطنین عندما قال جلالتھ»إن الجمیع متفق على ضرورة محاربة الفساد والواسطة والمحسوبیة، وأھمیة تطبیق سیادة القانون لكن عندما یتعارض تطبیق القانون مع مصالح البعض أو یطال أقرباء لھم لا یتم احترام القانون»وبقولھ ھذا فإن جلالة الملك وضع أصبعھ على مرض اجتماعي مزمن أصاب مجتمعنا، یتمثل في الفصام النكد بین ما نقول وما نفعل، وبین ما نرفع من شعارات وما نمارس على الأرض من أعمال، فكلنا نتحدث عن الإصلاح لكن بعیداً عن مصالحنا، وكلنا نتحدث عن محاربة الفساد دون أن ینال ذلك شیئاً من مكتسباتنا، تماماً مثلما نھاجم جمیعاً الواسطة والمحسوبیة، لكننا جمیعاً نمارسھا، لذلك فإن مسؤولیة تطبیق التوجیھات الملكیة لا تقع على عاتق الأجھزة المعنیة فحسب، فجزء منھا یقع على القوى الحیة في مجتمعنا، بأن تنشر في مجتمعنا ثقافة تجعل من الواسطة والمحسوبیة رذیلة اجتماعیة مرفوضة، مھما كان نوعھا وكائناً من كان مصدرھا، بل لابد من أن نتجاوز مرحلة نشر ثقافة رفض الواسطة والمحسوبیة إلى مرحلة بناء مجموعات الضغط الرافضة لھذا الداء الذي أفسد إدارتنا العامة، وألحق الضرر بالكثیرین من أبناء .الوطن عندما أخل بمبدأ تكافؤ الفرص  وبعد فقد مارس جلالة الملك دوره الدستوري وأصدر توجیھاتھ، وظل على الجمیع ترجمة ھذه التوجیھات، وفي الطلیعة المسؤولین الذین .علیھم تأدیة مھامھم وواجباتھم بتفاني وشفافیة من أجل خدمة الوطن، ولیبرھنوا أن رسالة الملك وصلتھم فصدعو بالأمر الملكي