مع الأحزاب القومية واليسارية

مع الأحزاب القومية واليسارية
حمادة فراعنة
الأحزاب والقوى القومية واليسارية، مازالت هي عنوان المعارضة الجادة الوطنية والمسؤولة، لا تطيش على خبر، ولا تتسرع استجابة لحدث، لا تتراجع أمام إجراء حكومي أو تخاف منه أو تخشى تبعاته، ماضيها مُشرف، وخطواتها حذرة مدروسة.
على الصعيدين الوطني والشخصي، تربطها علاقات مع فصائل فلسطينية وتتباهى بذلك ولا تخجل، ومع طرفي حزب البعث وتفخر بذلك ولا تهاب، وهي علاقات متبادلة تعكس رؤيتها وفلسفتها ووطنيتها، وتطلعاتها، لم يتورط أحد من شخوصها، على غرار أولئك الذين صعدوا وثروا ونالوا سواء جاءوا من خلفيات جهوية، أو استنكروا فركبوا موجة التوزير ومرادفاته ومن سار على دربه أو ما يماثله.
مازالوا صامدين، بإمكاناتهم المتواضعة ونفوذهم المحدود وإمتداداتهم المثقلة، فقد واجهوا الهزيمة المُرة، لا ذنب لهم فيها : الأولى هزيمة الشيوعية والإشتراكية والإتحاد السوفيتي وإنتصار أميركا والعدو الإسرائيلي والرأسمالية المتوحشة مع نهاية الحرب الباردة عام 1990، والثانية هزيمة العراق ودماره وحصاره وإسقاط نظامه البعثي على يد التحالف الأميركي غير الأخلاقي مع إيران وأوروبا 1991 – 2003، فأّثر الأول على أحزاب التيار اليساري في العالم ومنها العربية بما فيها الأردنية في إنحسارها وعزلتها، وأّثر الثاني على أحزاب التيار القومي وتوجهاته ومصداقيته، بتراجعها وضعفها ولكن لا يصح إلا الصحيح، فالبديل الإسلامي انكشفت عوراته وتحالفاته وتطرفه، بتوظيفه للإسلام واستعماله كي يبطش، مع أن الإسلام النقي بريء منهم ومن أفعالهم، والذين سبق وأن تحالفوا مع « إسلامنا الحنيف « ووظفوه يحاربونه الأن ويتطاولون على رؤيته.
أما الذين تحالفوا مع أميركا، يدفعون ثمن رهاناتهم بعد أن قمعوا شعوبهم، سيدخلون التاريخ كهوامش ضارة عطلوا مسيرة شعوبهم نحو إستكمال خطوات الحرية والاستقلال والكرامة والعدالة والديمقراطية، وكطفيليات متسلقة مؤذية مكانها مواقع النفايات والإدانة .
مازال تحالف الأحزاب القومية واليسارية ثابتاً متماسكاً، رغم تسلل الخلافات البينية بين صفوفه لأسباب سياسية بعضها موضوعي خارج عن إرادة قياداتها، وبعضها ذاتي انعكاس لأمراض مرجعياتها التي هُزمت ولم تستوعب الهزيمة والتعلم منها والاستفادة من نتائجها، ومع ذلك، مازالت واقفة على رجليها مالكة زمام المبادرة الوطنية في معالجاتها وتوجهاتها وعلى إصرارها في إدارة سياساتها على قاعدة الشراكة شبه الجبهوية، ومازالت تملك مصداقية المعارضة، حتى لدى أولئك الذين لا يحبون رؤيتها ويتمنون زوالها.
دعوتهم اليوم لزيارة أراضي منطقة الباقورة تأكيداً على إستعادة السيادة الوطنية على أراضي الباقورة والغُمر، خيار إيجابي لائق، لإعطاء الإهتمام بأهمية هذه القضية الوطنية ورمزيتها في رفض معاهدة وادي عربة وتداعياتها، وفي التمسك بسيادة الدولة على كامل أراضينا الوطنية، وفي إسناد الموقف الرسمي وتشجيعه على عدم تجديد إتفاق التأجير سواء كان ملزماً أو غير ملزم.
الأحزاب القومية واليسارية مازالت صاحبة مبادرة في معالجة كافة الملفات والمواضيع الحيوية التي تمس مصالح شعبنا بدءاً من قانون ضريبة الدخل، مروراً بقوانين الحياة السياسية كالانتخابات والأحزاب والإجتماعات، وتشكيل الحكومات، وتعميق المفاهيم الدستورية بفصل السلطات وتحديد مساراتها وصلاحياتها، وليس إنتهاءاً بتثبيت الموقف الحازم ضد العدو الإسرائيلي ومشروعه الإستعماري التوسعي، ومع تطلعات الشعب الفلسطيني ونضال مشروعه الوطني الديمقراطي من أجل العودة والإستقلال، وفي سبيل حرية سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال، وإنتصار الديمقراطية والتعددية لشعوبهم بعيداً عن التدخلات والتطاولات الأجنبية على سيادتهم وخيارهم، ولذلك نختلف أو نتفق مع الأحزاب القومية واليسارية، لكن مازالوا ضمير أردني حي يحتاج للإسناد والحفاظ عليه مع تطويره وتقدمه،على طريق إنتصار قضاياه ورؤاه وتطلعاته.
h.faraneh@yahoo.com