عيون وآذان (كتب قديمة أعرضها على القارئ)

انتهى التعديل الوزاري، وهذا يعني بلغة السياسة الأردنية أن حكومة الرزاز كتب لها عمر جديد، والسؤال الذي يشغلني هل سيحظى رئيس الوزراء عمر الرزاز بفرصة جديدة من الشارع مثلما جدد جلالة الملك الثقة به؟
لا يحتاج الأمر إلى جهد كبير حتى نتبين أن شعبية الرئيس الرزاز تراجعت، وهو ما أظهره بوضوح استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية بعد 100 يوم على عمر الحكومة، واعتقد أن التعديل الوزاري قد عمّق حتى الآن الشرخ مع المساندين والمتفائلين بالرزاز بأنه قادر على صناعة التغيير، وأول قواعد ذلك آليات وإجراءات تعديل الحكومة، لا إعادة انتاج نفس الأنماط والممارسات التي أتعبتنا طوال العقود الماضية.
لم يفعل الرزاز شيئاً مختلفاً في التعديل الوزاري، أخرج وزراء من الحكومة ولا نعرف حتى الآن لماذا؟ وأدخل وزراء جددا ولا نعرف حتى الآن لماذا اختارهم دون غيرهم؟
أعرف كل الوزراء الذين ضمهم الرئيس الرزاز لحكومته بالتعديل الوزاري باستثناء وزير الزراعة، وتربطني ببعضهم علاقات شخصية قوية، وأجد أن غالبهم متميزون، ولكن يظل السؤال يا دولة الرئيس ماهي الأسس والمعايير والآليات الني اعتمدت عليها في التعديل الوزاري؟
نجدد ما قلناه في الأسبوع الماضي نريدك أن تفك "طلاسم" التعديل الوزاري منذ عقود، من حق الرأي العام أن يطلع على تقييم الوزراء، وسيسجل لكم أنكم أول من كاشف الناس وقال لهم ما كان يخفى عنهم، هذا إذا افترضنا أن هناك معايير وأسسا كانت متبعة سابقاً.
الحال معكم مختلف، فلقد أعلنت أنكم قابلتم كل الوزراء لغايات التقييم ومراجعة الأداء، فأخبرنا بالنتائج التي توصلت لها، حاول إقناعنا، وغير ما ترسخ في أذهاننا، فالناس يقولون أخرج وزيرا سلطيا وأدخل مكانه وزيرا سلطيا، وهكذا تثبيت لقواعد اللعبة القديمة الجديدة، وترسيخ للمحاصصة، فأين الدولة المدنية التي تريد أن تبنيها يا دولة الرئيس.. هل يمكن أن نعلي بنيان الدولة المدنية وما تزال تحكمنا وتفرض المسار والتوجهات نفس العقلية؟!
من حقنا أن نسأل لماذا أخرجت وزيرة الثقافة بسمة النسور؟ هل اكتشفت بأنها لا تعرف بالثقافة مثلاً، أو أنها لا تملك المهارات في الإدارة، فالوزير الذي قبل بالموقع العام لا يضيره إن تعرض للنقد قليلاً، وإن خضع لجردة حساب علنية من رئيس الحكومة؟
ثلاثة وزراء جدد لم يستمروا في الحكومة أكثر من 4 أشهر وهم بالإضافة لوزيرة الثقافة، وزير الشباب مكرم القيسي، ووزير المياه منير عويس، هل يعقل أن يطاح بهم بهذه السرعة دون الإفصاح عن تقصيرهم للرأي العام؟!
سيشعر هؤلاء الوزراء تحديداً دون غيرهم بالغصة، فما حدث يوجه أصابع الاتهام بالتقصير نحوهم، ويشكل إرهاقاً على كاهلهم.
أدرك أنكم خفضتم عدد الوزارات، وما يزال العدد كبيراً، فهناك دول عظمى عدد وزاراتها ووزرائها لا يزيد عن (15)، بالطبع اخترعنا مثل كل دول العالم الثالث توالد الوزارات والمؤسسات ليس لتحقيق غايات تخدم الشعب، بل لتنفيع الأشخاص، وزيادة فرص المغانم والمحاصصة بأشكالها المختلفة.
ومع ذلك فمازلت عند رأيي ليس المهم أن تكون وزارتان بوزير واحد مثل التربية والتعليم العالي، فهذا منطق لا يغني ولا يسمن من جوع، المهم كيف نحقق الاندماج، والتناغم في الأهداف، ونعيد بناء الهيكل الوظيفي، وهذا يحتاج لوقت، والمهم أن تضع الحكومة خريطة طريق لذلك، فإن نجحت فإننا نستطيع في التعديل القادم، والحكومة التي تليها أن نقوم بتخفيض العدد أكثر وأكثر، فما حاجة الأردن بأكثر من 15 وزارة تدار بشكل فعال وكفؤ.
الوزراء الذين أدخلوا للحكومة متميزون، فوزير المياه رائد أبو السعود خبير في هذا الميدان، وفلاح العموش عرفته بأمانة عمان ابان العمدة ممدوح العبادي شغولاً ومبدعاً، وبسمة اسحاقات نجحت بشكل لافت في صندوق المعونة الوطنية، وبالتأكيد فإن الزميل الإعلامي محمد أبو رمان أفضل خيار لإعطاء وزارة الشباب والثقافة تصوراً مختلفاً وجديداً.
لا نختلف مع الرزاز على الأسماء، ولكن نطالبه أن يطبق ما يؤمن به، وأن لا يجرفه التيار في ذات الطريق.