تيتي تيتي

 


 


بالتأكيد، فإن الكثيرين منا تعرضوا لمثل هذا الموقف، فهو ليس بعيدا عن شيمنا وأخلاقنا العربية الأصيلة (كما نقول عندما تحصل حالة لا نرضاها)، بل هو في جوهر تفكيرنا، الذي يعتمد على التبسيط وتسهيل الأمور التي تحتاج الى تعقيد، لا بل هي معقدة أصلا، في ذات الوقت الذي نقوم فيه بتعقيد الأمور البسيطة جدا ونحولها الى (هليلة).. نسيت أن أذكر لكم الموقف:

الموقف الذي (نحسد عليه) هو أنك عندما ترسل سيارتك الى الميكانيكي، وتعود اليه خلال التصليح أو بعده، تجد بجانب الرجل علبة سمنة الغزال مليانة بالبراغي والمرابط والرونديللات والترانزستورات والأسلاك، ويقول لك الميكانيكي أنه أخرجها من جثة سيارتك ولكن لم يعدها لأنه (ما إلها داعي).

لاحظوا كيف أن مساعد الميكانيكي الذي هو في الغالب غير مؤهل علميا ولا يكاد انهى المرحلة الإعدادية، ولم يدخل دورة ميكانيك بل تعلم البيطرة على جحشاتنا المعدنية.. تخيلوا إن هذا الرجل بكامل قيافته الذهنية يطلق النار على كافة علماء وخبراء الفرنجة، ويكتشف بأنه قادر على الغاء ما يريد ما دام الميكانيكي (لا يعرف) لماذا وضع هذا البرعي أو هذه القطعة.

الان وبعد أن اشبعتكم ضحكا ومسخرة من الميكانيكي، أقول لكم بكل صراحة ووضوح وأسف، أن هذا الميكانيكي، هو أنا وأنا وأنت سيدتس وأنتم وأنتن وهم وهن.. المكيانيكي هو نحن جميعا الذين نرتمي بكل نعس على قارتين.. نحن العرب أجمعين.. نحن الذين بذات الأصبع التي نشير فيها للتوحيد، نشير بها للتفريق والفصل والإبعاد.. والإعدام.

إذا أخدنا العلمانية مثلا، فإننا ننسى جوهرها الديمقراطي العلمي ومساواتها في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين والجنس والنوع، ننسى كل ذلك، أو نفكفكه ونرميه في علبة سمن الغزالين عملاقة، ونتعامل مع اعدائنا أو من انقلبنا ضدهم بكل وحشية وديكتاتورية ونبرر ذلك بالعلمانية.. وهذا ينطبق على كافة الأفكار والفلسفات التي نتعامل معها.. نأخذ القشور ونرمي الجوهر.

حتى الحكومات، فإنها تلغي كل فترة كومة من البراغي والرونديلات من ماكنتها الإدارية، دون أن تدري لماذا تم وضعها أصلا، ولماذا تم الاستغناء عنها دون، يتأثر اداء الجهاز الإداري، هذا اذا لم يتحسن للافضل.

عفوا، يتحسن للأفضل لعدة اسابيع أو اشهر، حتى تعين الحكومة براغي ورونديلات جديدة، وتضيف اليها تشكيلات اخرى من البراغي والرونديلات من جماعتها. وتظل هذه الأخيرة في مكانها تمارس عمليات الإعاقة للجهاز الإداري.. لحين تأتي حكومة أخرى.

وتيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما جيتي!!.



ghishan@gmail.com